(50)

عادة، بخلاف نفخ الروح وإحياء الموتى، فلذلك أسنده إلى قدرة الله تعالى، وإن كان الجميع بقدرته جل وعز، ولما كان في سورة العقود في معرض تعداد النعم، والامتنان من الله تعالى على عيسى ناسب تقييد الجمع فيها، بقوله: (بِإِذنِي) زاد [ابن الزبير*] أن في آية المائدة إشارة إلى توبيخ النصارى في زعمهم (إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ)، وأن عيسى ابن الله إلى غير ذلك، كما [يقول: أحدنا لغيره ألم أفعل لك كذا ألم أعطك كذا ويعدد عليه نعما ثم يقول: أفعل لك ذلك غيرى؟ *]، فإذا اعترف به العبد انقطعت حجة من ظن خلافه، فأعلم الله أن تلك الأمور بإذنه، وكرر ذلك تأكيد الدفع توهم حول، أو قوة لغير الله، قال: وآية آل عمران إنما هي بشارة لمريم، وإعلام بما منح ابنها عيسى فقط، فلذلك كرر لفظه: (بِإِذنِي) المائدة أربع مرات، وهنا مرتين.

قوله تعالى: (وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ).

احتج بها ابن رشد على إبطال الحكم بعلم المنجمين؛ لأنه قال في كتابه الجامع الرابع من بيانه: إن المنجم [ ... ] (?) الكل على أنه مصدق لها بالقول، وهو مشكل؛ لأن غيره من بني إسرائيل [مصدق لها موقن بها*].

ابن عرفة: والصواب عندي أنه مصدق لها بالفعل، ونظيره أن يخبرك إنسان بأن الأمير يدخل هذا راكبا على فرسه معمما بعمامته ملتحفا بردائه به، فيدخل هذا على تلك الصفة بالأمير مصدق لذلك الإنسان بالفعل، وكذلك بالتوراة تضمنت أنه يأتي بعدها رسول من عند الله اسمه عيسى تكون معجزاته إحياء الموتى، وإبراء الأكمة، والأبرص، والإخبار بالمغيبات، والحوادث، فيجيئه على هذه الصفة المقتضية لتصديقه لما في التوراة معجزة، وآية من جملة الآيات.

ابن عرفة: والصدق والتصديق بينهما عموم وخصوص من وجوه دون وجوه فقد يكون الكلام في نفس الأمر صدقا ولا مصدق له وقد يصدق به وهو كذب، فإن التصديق هنا بالفعل بحرف الجر، في قوله: (مِنَ التَّوْرَاةِ) للتبعيض، وإن كان من القول هو لبيان الجنس لأنه صدق جميع التوراة.

ابن عرفة: والتصديق لما تضمنه التوراة من الإخبار.

وقوله: (وَلأُحِلَّ لَكُم (50)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015