المستقبل إنما يعاقبون عليه مع الإصرار عليه والمداومة لقوله: {إِلاَّ الذين تَابُواْ} .
قال ابن عرفة: وكرر لفظ {يَلعَنُهُمُ} لوجهين: إما تشريفا لله بذكره وحده إشعارا بالتفاوت الذي بينه وبين (اللاّعنين) ، وإما تنبيها على أن لعنة الله تعالى أشد من لعنة (اللاّعنين) فهو إما للتفاوت بين اللّعنين، وهذا كما قال ابن التلمساني في المسألة الثامنة من الباب الأول في حديث الخطيب القائل: «من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى» . وتقدم جواب القرافي وعز الدين بن عبد السلام فيه.
قال ابن عرفة: وفي الآية عندهم حجة (للعمل) بالإجماع السّكوتي لأن المجتهد إذا بلغه مذهب غيره في المسألة النازلة فإمّا أن يظهر له موافقته أو مخالفته فإن وافقه فهو المطلوب، وإن ظهر له مخالفته وسكت بطل العمل بقوله لأنه عاص (في كتمه) العلم.
فإن قلت: تبقى منهم ثالث وهو أن لايظهر (له) في الحال موافقة ولا مخافة.
قلنا: لا يكون إذ ذاك مجتهدا.
وقال القرطبي: فيها حجة (لوجوب) العمل بخبر الواحد قال: لأنه لا يجب عليه (البيان) إلا بعد قبول قوله وقال: {إِلاَّ الذين تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ} فحكم بوقوع البيان بخبرهم