فهذا ينوحُ على ذنبِهِ. . . وهذا يصلِّي وذا يركعُ

من لم يكنْ له مثلُ تقواهُم لم يدرِ ما الذي أبكاهُم، ومن لم يشاهدْ جمالَ

يوسفَ لم يدرِ ما الذي آلمَ قلبَ يعقوبَ، وسئلَ السّريُّ السقَطيُّ عن حالِهِ

فأنشدَ:

من لم يبتْ والحبُّ حشوَ فؤادِهِ. . . لم يدرِكيفَ تفتتُ الأكبادُ

أين رجالُ الليلِ؛ أين ابنُ أدهمَ والفضيلُ؛ ذهبَ الأبطالُ وبقيَ كلُّ بطالٍ.

يا من رضِيَ من الزهدِ بالزي، ومن الفقرِ بالاسم، ومن التصوفِ بالصوف.

ومن التسبيح بالسبح، أينَ فضلُ الفضيل؟ أين جدُّ الجنيدِ؟ أين سرُّ السريًّ؟ أين بشر أين إبراهيم بن أدهمَ؟ ويحَكَ إن لم تقدرْ على معرفةِ معروفٍ فاندُبْ على ربع رابعةَ وأنشد:

هاتيكَ رُبوعَهم وفيها كانُوا. . . بانُوا عنْهَا فَلْيَتَّهِم ما بانوا

ناديتُ وفي حشَاشتي نيرانُ. . . يا دارُ متى تحوَّلَ السكانُ

يا من كان له قلبٌ فانقلبَ، يا من كان له وقتٌ مع اللَّهِ فذهبَ، قيامُ

الأسحارِ يستوحشُ لكَ، صيامُ النهارِ يسألُ عنكَ، ليالي الوصالِ تعاتبكَ على انقطاعكَ:

تشَاغلتمُ عنَّا بصحبةِ غيرِنا. . . وأظهرتُم الهجْرَانَ ما هكذا كنَّا

وأقسمتُم أن لا تحولُوا عَنِ الهوى. . . فقد وحياةِ الحبِّ حلتُم وما حُلنا

ليالي كنَّا نجتَني من ثمارِكم. . . فقلبي إلى تلكَ الليالِي لقدْ حنَّا

إخواني مجَالسُ الذكرِ شرابُ المحبينَ وترياقُ المذنبينَ، قد علمَ كلُّ أناسٍ

مشرَبهم، مجالسُ الذكرِ مآتم الأحزانِ فهذا يبكي لذنوبِه، وهذا يندبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015