من أكثرِ الناسِ سؤالاً للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عن الفتن خوفا من الوقوع فيها، ولما حضرَهُ الموتُ قال: حبيبٌ جاءَ على فاقةٍ لا أفلَحَ من ندِمَ، الحمدُ للَّهِ الذي سبقت بي الفتنة قادتها وعلوجها.
وكان موتُه قبلَ قتلِ عثمانَ بنحو من أربعين يومًا وقيلَ: بل ماتَ بعدَ قتلِ
عثمانَ.
وكانَ في تلكَ الأيامِ رجلٌ من الصحابةِ نائمًا فأتاهُ آتٍ في منامهِ فقال
له: قمْ، فاسأل اللَّهَ أن يعيذَك من الفتنةِ التي أعاذَ منها صالحَ عبادِهِ، فقام
فتوضَّأ وصلَّى ثم اشتكَى وماتَ بعد قليلٍ.
وقد رويَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنهُ قال لرجل:
"إذا مت أنا وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ فإن استطعتَ أنْ تموتَ فمُتْ "
وهذا إشارةٌ إلى هذه الفتن التي وقدتْ بمقتلِ عثمانَ - رضي الله عنه -.
والدعاءُ بالموتِ خشيةَ الفتنةِ في الدينِ جائزٌ وقد دعا به الصحابةُ - رضي الله عنهم - والصالحونَ بعدَهم، ولما حجَّ عمرُ - رضي الله عنه - آخرَ حجَّة حجَّها استلقى بالأبطح ثم رفعَ يديهِ وقالَ: اللهمُّ إنه قد كبرَ سنِّي ورقَّ عظمي وانتشرتْ رعيتي فاقبضني إليكَ غيرَ مُضيِّع ولا مفتون، ثم رجع إلى المدينة، فما انسلخَ حتى قتلَ - رضي الله عنه -.
ودعا عليٌّ ربَّهُ أن يريحهُ من رعيتِه حيثُ سَئمَ منهم فقتلَ عن قريبٍ.
ودعتْ زينبُ بنتُ جحشٍ - رضي الله عنها - لما جاءَها عطاءُ عمرَ من المال فاستكثرتهُ وقالتْ: اللهمَّ لا يدركني عطاءٌ لعمرَ بعدَها فماتت قبلَ العطاءِ الثاني.
ولما ضجَرَ عمرُ بنُ عبدُ العزيزِ من رعيتِهِ حيثُ ثقلَ عليهم قيامُهُ فيهِم بالحقِّ