وخرَّجه "مسلم" ولفظُهُ: "الطهورُ شطرُ الإيمانِ ".

وثانيهما: أن يكونَ إسباغُهُ على الكريهاتِ، والمرادُ أن يكونَ على حالة تكرهُ النفسُ فيها الوضوءَ وقد فُسِّرَ بحال نزول المصائبِ فإن النفسَ حينئذ تطلبُ الجزعَ فالاشتغال عنه بالصبرِ والمبادرةِ إلى الوضوءِ والصلاةِ من علامة الإيمانِ، كما قال عزَّ وجلَّ: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخَاشعِينَ) ، وقال تعالى: (يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بْالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللًهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) .

والوضوءُ مفتاح الصلاة وقد يُطفأ به حرارةُ القلبِ الناشئةِ عن ألمِ المصائبِ

كما يُؤمرُ مَنْ غضِبَ بإطفاءِ غضبِهِ بالوضوءِ، وفسرتِ الكريهاتُ بالبردِ الشديدِ ويشهدُ له أنَّ في بعضِ رواياتِ حديثِ معاذ

"إسباغُ الوضوءِ على السبرات "

والسبرةُ: شدةُ البردِ، ولا ريبَ أنَّ إسباغَ الوضوءِ في شدة البردِ يشقُّ على

النفسِ وتتألمُ به، وكلُّ ما يؤلمُ النفسَ ويشقُّ عليها فإنه كفارةَ للذنوبِ وإنْ لم

يكنْ للإنسان فيه صنعٌ ولا تسببٌ، كالمرضِ ونحوِه كما دلتِ النصوصُ

الكثيرةُ على ذلك.

وأما إن كان ناشئًا عن فعلٍ هو طاعةٌ للَّه تعالى، فإنه يكتبُ لصاحبِهِ به

أجرٌ وترفعُ به درجاتُهُ كالألم الحاصلِ للمجاهدِ في سبيلِ اللَّهِ تعالى قال اللَّهَ

عزَّ وجلَّ: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120) .

وكذلك ألم الجوع والعطشِ الذي يحصلُ

.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015