حتى يقولَ كل نبي وكلُّ صدِّيق وكلُّ شهيدٍ:
اللهمَّ لا أكلفُكَ اليومَ إلا نفسِي، ولو كانَ لكَ يا ابنَ الخطابِ عملُ سبعينَ نبيًا لظننتَ أن لا تنجُو، قالَ عمرُ: واللَّه، إن الأمرَ لشديد.
ومن روايةِ شريح بنِ عبيدٍ قالَ: قالَ عمرُ لكعب: خَوِّفنا، قالَ: واللهِ
لتزفرنَّ جهنمُ زفرةً، لا يبقَى ملك مقرَّب ولا غيرُهُ إلا خرَّ جاثيًا على ركبتيهِ، يقولُ: ربِّ نفسِي نفسِي، وحتى نبينا محمدٍ وإبراهيمَ وإسحاقَ - عليهمُ
السلامُ -، قال: فأبكَى القومَ حتى نشجُوا.
وفي رواية مطرفِ بن الشخيرِ عن كعبٍ، قالَ: كنتُ عندَ عمرَ، فقالَ: يا
كعبُ خوِّفنا، فقلتُ: يا أميرَ المؤمنينَ، إنَّ جهنمَ لتزفرُ يومَ القيامة زفرةً لا
يبقَى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خرَ ساجِدًا على ركبتيهِ، حتى إنً إبراهيمَ خليله - عليه السلامُ - ليخرُّ جاثيًا ويقولُ: نفسِي نفسِي، لا أسألكُ اليومَ إلا نفسِي، قالَ: فأطرقَ عمرُ مليًّا، قالَ: قلتُ: يا أميرَ المؤمنينَ، أولستُم تجدونَ هذا في كتابِ اللَّهِ عزَّ وجل؟!
قالَ عمرُ: كيفَ؛ قلتُ: يقولُ اللَه عزَّ وجل
في هذه الآيةِ: (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (111) .
وكانَ سعيدُ الجرميُّ يقولُ في موعظتِهِ إذا وصفَ الخائفين: كأنَ زفيرَ النارِ
في آذانِهِم.
وعن الحسنِ أنه قالَ في وصفِهم: إذا مرُّوا بآية فيها ذكرُ الجنة بكوا شَوْقًا.
وإذا مرُّوا بآيةٍ فيهَا ذكرُ النارِ ضجوا صُراخًا، كأنَّ زفيرَ جهنًّم عندَ أصولِ
آذانِهِم.