وفي المعنى أحاديثُ أُخَرُ متعدِّدةٌ.
وقال عطاءٌ: سمعتُ أبا هُريرة يقول: "إذا صلَّى أحدكُم فلا يلتفتُ؛ فإنه
يناجِي ربَّه، إنَّ ربَّه أمامه، وإنه يناجيهِ فلا يلتفتُ ".
قال عطاءٌ - رحمه اللَّه تعالى -: وبلغنَا أن الربَّ عز وجل يقول: "يا ابنَ
اَدمَ، إلى مَنْ تلتفت؟ أنا خير لكَ ممَّن تلتفتَ إليه ".
وخرَّجه "البزَّار وغيرُه مرفوعًا، والموقوفُ أصحُّ.
وقال أبو عمرانَ الجونيُّ - رحمه اللَّه تعالى -:
أوحى اللَّهُ عز وجلَّ إلى موسى - عليه السلامُ - يا موسى، إذا قمتَ بين يديَّ فقمْ مقامَ العبدِ الحقيرِ الذليلِ، وذُمَّ نفسَكَ، فهي أَوْلَى بالذمِّ، وناجِني بقلب وجلٍ ولسانٍ صادقٍ.
ومن ذلك: الركوعُ، وهو ذل بظاهرِ الجسدِ.
ولهذا كانتِ العربُ تأنَفُ منهُ ولا تفعلهُ حتى بايعَ بعضُهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن لا يخرَّ إلا قائمًا يعني: أن يسجدَ من غيرِ ركوع.
كذا فسره الإمامُ أحمدُ - رحمه اللَّه تعالى - والمحققونَ من العلماءِ.
وقال اللَّه تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكعُوا لا يَرْكعُونَ) .
وتمامُ الخضوع في الركوع: أن يخضعَ القلبُ للَّهِ ويذلَ له، فيتمُّ بذلكَ خضوعُ العبدِ بباطنهِ وظاهرِه للَّه عزَّ وجلَّ.