كان ذو النونِ - رحمه اللَّهُ تعالى - يقولُ في وصفِ العُبَّادِ: لو رأيتَ

أحدَهُم وقد قامَ إلى صلاتهِ فلمَّا وقفَ في محرابِهِ واستفتحَ كلامَ سيِّده، خطرَ

على قلبهِ أنَّ ذلكَ المقامَ هو المقامُ الذي يقومُ الناسُ فيه لربِّ العالمين، فانخلعَ

قلبه وذهلَ لبُّه.

خرَّجه أبو نُعيمٍ - رحمه اللَّه تعالى.

ومن ذلكَ: إقبالُه على اللَّهِ عز وجل، وعدمُ التفاتهِ إلى غيرهِ، وهو

نوعانِ:

أحدهما: عدمُ التفاتِ قلبهِ إلى غيرِ منْ هو مناج لهُ، وتفريغُ القلبِ للربِّ

عزَ وجل.

وفي "صحيح مسلم " عن عمرِو بن عبسةَ - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر فضلَ الوضوءِ وثوابَه، ثم قالَ:

"فإنْ هو قامَ فصلَّى فحمدَ اللَّهَ وأثنى عليهِ ومجدَه

بالذي هو أهلُه، وفرَّغَ قلبَه للهِ، إلا انصرفَ من خطيئتِهِ كيوم ولدتْه أمُّه ".

والثاني: عدمُ الالتفاتِ بالبصرِ يمينًا وشمالاً، وقَصرُ النظرِ على موضع

السجودِ، وهو من لوازمِ الخشوع للقلبِ وعدمِ التفاتهِ، ولهذا رأى بعضُ

السَّلفِ مصليًا يعبثُ في صلاتهِ فقالَ: لو خشعَ قلبُ هذا لخشعت جوارحُه.

وقد سبقَ ذكرُه.

وخرَّج الطبراني من حديثِ ابنِ سيرينَ عن أبي هُريرةَ - رضي الله عنه - قال: "كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، يلتفتُ في الصلاةِ عن يمينهِ وعن يسارِه، ثمَّ أنزلَ اللَّهُ تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) .

فخشعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يكن يلتفت يمنةً ولا يسرةً".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015