تسوؤه سيئتُه، ويعمل لأجلها عملاً صالحًا، كان ذلك دليلاً على إيمانِهِ.
وفي "مسندِ بَقِيِّ بنِ مَخْلدٍ" عن رجلٍ سأل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: ما الإيمانُ يا رسولَ اللَّه؟
قال: "أن تؤمنَ باللهِ ورسولِهِ "، فأعادَهَا ثلاثًا، فقالَ له في الثالثةِ:
"أتحبُّ أن أخبرَك ما صريحُ الإيمانِ؟ "
فقالَ: ذلك الذي أردتُ، فقالَ:
"إن صريحَ الإيمانِ إذا أسأت أو ظلمتَ أحدًا، عبْدَك أو أَمَتَكَ، أو واحدًا من الناسِ، صُمْتَ أو تصدَّقتَ وإذا أحسنتَ استبشرتَ ".
وأمَّا الفتن العامةُ: فهي التي تموجُ موجَ البحر، وتضطربُ، ويتبع بعضُها
بعضًا كأمواج البحرِ، فكانَ أوَّلُها فتنةَ قتلِ عثمانَ - رضي الله عنه - وما نشأ منها من افتراقِ قلوبِ المسلمينَ، وتشعبِّ أهوائِهم وتكفيرِ بعضِهم بعضًا، وسفكِ بعضِهم دماءَ بعضٍ، وكانَ البابَ المغلقَ الذي بين الناسِ وبين الفتن عُمَرُ - رضي الله عنه - وكان قتلُ عُمَرَ كسْرًا لذلكَ البابِ، فلذلكَ لم يُغْلَق ذلكَ البابُ بعدَه أبدًا.
وكان حذيفةُ أكثرَ الناسِ سؤالا للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عن الفتنِ، وأكثرَ الناسِ علمًا بها، فكانَ عندَهُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمٌ بالفتنِ العامةِ والخاصةِ، وهو حدَّث عُمَرَ تفاصيلَ الفتن العامَّة، وبالبابِ الذي بينَ الناسِ وبينَها، وأنه هو عمرُ، ولهذا قالَ: إنِّي حدثتُهُ حديثًا ليس بالأغاليطِ، والأغاليطُ: جمع أغْلُوطة، وهي التي يُغَالطُ بها.
واحدها: "أُغْلُوطةٌ" و"مَغْلَطَةٌ"، والمعنى: أنه حدَّثه حديثًا حقًّا.
ليس فيه مرْية، ولا إيْهَام.
وهذا مما يُستدل به على أنَّ روايةَ مثلِ حذيفةَ يحصلُ بها لِمَنْ سمعَها العلمُ
اليقينيُّ الذي لا شكَّ فيه، فإنَّ حذيفةَ ذكرَ أن عُمرَ علِمَ ذلك وتيقنه كما تيقنَ