بيومٍ، وعدُّوا أنفسكُم في الموتى، ولا يضرُّكم أن لا يكثرَ لكُم.

والكفافُ من الرزقِ؛ هو ما ليسَ فيه فضلٌ - بأن يكتَفي به صاحبُهُ من غيرِ

فضْل.

وجاء من حديثِ ابنِ عباسٍ - مرفوعًا:

"إنَّما يكْفِي أحدُكُم ما قنعتْ به نفسُهُ "

خرَّجه ابنُ أبي الدنيا.

والمرادُ أن من اكتفى من الدنيا باليسيرِ وقنعتْ به نفسُهُ فقدْ كفاهُ ذلكَ

واستغْنَى له وإنْ كان يسيرًا.

قال أبو حازمٍ: إنْ كان يغنيكَ ما يكفيكَ فإن أدْنَى ما في الدنيا يكفيكَ -

وإنْ كان لا يغنيكَ ما يكفيكَ فليسَ في الدنيا شيءٌ يكفيكَ.

قال بكرٌ المزنيُّ: يكفيكَ من الدُّنيا ما قنعْتَ به ولو كفُّ تمرٍ وشربةُ ماءٍ.

وقال الإمامُ أحمدُ: قليلُ الدنيا يكفِي وكثيرُ ما يكفِي يُغنِي، إنَّ من اكتفى

من الدنيا كفاهُ منها القليلُ، ومن لم يكتفِ لم يكفِهِ الكثيرُ، كما قالَ

بعضُهُم، شعر:

حقيقٌ بالتواضع منْ يموتُ. . . ويكفِي المرءَ من دنْيَاه قوتٌ

وقال آخرُ:

يكفِي الفتى خلق وقوتُ. . . ما أكثرَ القوتَ لمن يموتُ

وقد مدحَ في هذا الحديثِ من صبرَ على كفافِ عيشِهِ وقنعَ بهِ، فأما

الراضِي بذلكَ: فهو أعْلَى منزلةً من الصابرِ القانِع.

وقد قيلَ: إنَّ الفقيرَ الراضي أفضلُ من الفقيرِ الصابرِ والغنيَّ الشاكرِ

بالاتفاقِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015