فيقالُ له: اجلسْ، فيجلسُ، وقد مثلَت الشمسُ للغروبِ، فيقولُ له: ما تقولُ في هذا الرجلِ الذي كان بعثَ فيكم؟ " - يعني النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - - "فيقولُ: أشهد أنّه رسولُ اللَّهِ، جاءنا
بالبيِّناتِ من عندِ ربِّنا فصدَّقْناه، واتَبعناه، فيقالُ له: صدقتَ، وعلى هذا حييتَ، وعلى هذا مِتَّ، وعليه تُبعثُ إن شاء اللَّهُ، فيفسحُ له في قبرِهِ مدَّ بصرِهِ، فذلكَ قولُهُ سبحانه:
(يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) .
يقالُ: افتحُوا له بابًا إلى النارِ، فيُفتحُ له بابٌ إلى النارِ، فيقالُ: هذا منزلُكَ لو عصيتَ اللَّهَ، فيزدادُ غبطةً وسرورًا.
ويُقال: افتحُوا له بابًا إلى الجنةِ، فيفْتح له، فيقالُ: هذا منزلُكَ وما أعدَّ اللَّه لك، فيزدادُ غبطة وسرورًا، ويعادُ الجسدُ إلى ما بدئ منه، وتجعلُ روحُه نسَمَ طيرٍ معلقٍ في شجرِ الجنة.
وأمَّا الكافرُ فيُؤتى في قبر من قِبلِ رأسِهِ، فلا يُوجدُ شيءٌ، فيُؤتى من قِبلِ رجليهِ فلا يُوجد شيء، فيجلسُ خائفًا مرعوبًا، فيقالُ له: ما تقولُ في هذا الرجلِ الذي كان فيكم؟ وما تشهدُ به؟
فلا يهتدِي لاسمِهِ، فيقالُ: محمدٌ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فيقولُ: سمعتُ الناسَ يقولونَ شيئا، فقلتُ كما قالُوا، فيقالُ له: صدقتَ، على هذا حييتَ، وعليه متَّ، وعليه تبعثُ إن شاء اللَّهُ تعالى، فيُضيَّق عليه قبرُهُ حتى تختلفَ أضلاعُه، فذلك قولُهُ تعالى:
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِن لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) فيقال: افتحُوا له بابًا إلى
الجنةِ، فيفتحُ له بابٌ إلى الجنةِ، فيُقال: هذا منزلُكَ وما أعدَّ اللَّه لكَ لو كنتَ أطعتَهُ، فيزدادُ حسرةً وثُبورًا، ثم يقالُ: افتحُوا له بابًا إلى النارِ، فيفتحُ له بابٌ إليها، فيُقالُ له: هذا منزلُكَ، وما أعدَّ الله لك، فيزدادُ حسرةً وثُبورًا ".
قال أبو عمر الضريرُ: قلتُ لحمَّادِ بنِ سلمةَ: كان هذا من أهلِ القبلة؟
قال: نعم، قال أبو عمر: كأنَّه كان يشهدُ بهذه الشهادة على غيْرِ يقينٍ يرجعُ