وسطَ البقيع، والإمامُ يومئذٍ أبو هريرةَ، وحضرَ ذلك ابنُ عمرَ.

قلتُ: صلاةُ الجنازةِ مستثناةٌ من النهيِّ عندَ الإمامِ أحمدَ وغيره، وقد سبقَ

قولُ أحمدَ في ذلكَ.

وقالَ - أيضًا -: لا يصلَّى في مسجدٍ بين المقابرِ إلا الجنائزُ؛ لأنَّ الجنائزَ هذه سنتُها.

يشيرُ إلى فعلِ الصحابةِ - رضي الله عنهم -.

قال ابنُ المنذرِ: ورُوِّينا أنَّ وَاثِلةَ بن الأسْقَع كان يصلِّي في المقبرةِ، غيرَ أنه

لايستترُ بقبرٍ.

قلتُ: لأنه هو روى عن أبي مرثد حديثَ النهىِّ عن الصلاةِ إلى القبورِ.

فكانَ يخصُّ النهي بحالةِ استقبالِ القبرَّ خَاصةً.

قال ابنُ المنذرِ: وصلَّى الحسنُ البصريُّ في المقابر.

قلتُ: لعلَّه صلَّى على جنازةٍ، فإنه روى عنه أنه أمرَ بهدمِ المساجدِ المبنيةِ

في المقابرِ.

قال: وكره عمرُ بنُ الخطابِ وأنسُ بنُ مالك الصلاةَ إلى المقابرِ.

انتهى ما ذكره.

واختلفَ القائلونَ بالكراهةِ في علَّةِ النهي:

فقال الشافعيُّ: علةُ ذلكَ النجاسةُ، فإن ترابَ المقابرِ يختلطُ بصديدِ الموتى

ولحومِهِم، فإن كانتْ طاهرةً صحت الصلاةُ فيها مع الكراهة.

وقسم أصحابه المقبرة إلى ثلاثةِ أقسام: ما تكرَّر نبشُها، فلا تصحُّ الصلاةُ

فيها، لاختلاطِ ترابها بالصَّديدِ. وجديدَّةَ لم تُنْبش، فتصحُّ الصلاةُ فيها مع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015