قال إسحاقُ بنُ راهويه: لا يجوزُ التفكُّرُ في الخالقِ، ويجوزُ للعبادِ أن
يتفكَروا في المخلوقينَ بما سمعُوا فِيهم، ولا يزيدونَ على ذلكَ، لأنَّهم إن
فعلُوا، تاهُوا، قالَ: وقد قالَ اللَّهُ: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) .
فلا يجوزُ أن يقالَ: كيفَ تُسبِّحُ القِصَاعُ، والأخْوِنَةُ، والخبزُ
المخبوزُ، والثِّيابُ المنسوجةُ؟ وكلُّ هذا قد صحَّ العلمُ فيه أنَّهم يسبحونَ.
فذلكَ إلى اللَّهِ أن يجعلَ تسبيحَهم كيفَ شاء وكما يشاءُ، وليسَ للناسِ أن
يخوضُوا في ذلكَ إلا بما علمُوا، ولا يتكلَّموا في هذا وشِبْههِ إلا بما أخبرَ
اللَّهُ، ولا يزيدُوا على ذلكَ، فاتَّقوا اللَّهَ، ولا تخوضُوا في هذه الأشياءِ
المتشابهةِ، فإنَّه يُرْديكُم الخوْضُ فيه عن سننِ الحق.
نقلَ ذلك كُلَّه حَرْبٌ عن إسحاقَ رحمهما اللَّهُ.
* * *
قال ابن الجوزي في "المقتبس ": سمعت الوزير يقول في قوله تعالى:
(وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45) .
قال أهل التفسير: يقولون: ساترًا، والصواب: حمله على
ظاهره، وأن يكون الحجاب مستورًا عن العيون فلا يرى، وذلك أبلغ.
* * *