وكان أبو إبراهيمَ السايحُ قد مرضَ في بريَّةٍ بقربِ دير، فقالَ: لو كنتُ
عندَ بابِ الديرِ لنزلَ الرهبانُ فعالَجُوني، فجاء السبعُ فاحتمله على ظهرهِ حتى
وضعَهُ على بابِ الديرِ فرآه الرهبانُ فأسلمُوا وكانُوا أربعمائة.
وكان إبراهيمُ بنُ أدهمَ، نائمًا في بستانٍ وعنده حيَّة في فمِهَا طاقةُ نرجسٍ.
فما زالتْ تذبُّ عنه حتى استيقظَ.
فمن حفظَ اللَّهَ حفظَهُ من الحيواناتِ المؤذيةِ بالطبع، وجعلَ تلكَ الحيواناتِ
حافظة له.
ومن ضيعَ اللهَ ضيَّعَهُ اللَّهُ بين خلْقِهِ، حتى يدخلَ عليه الضررُ ممنْ كانَ
يرجو أن ينفعَهُ، ويصيرَ أخصُّ أهلِه به وأرفقهُم به يؤذِيهِ.
كما قال بعضُهم: إني لأعصِي اللَّهَ فأعرفُ ذلك في خلقِ خادِمي
وحِمارِي، يعني: أن خادمه يسوءُ خلقُهُ عليه ولا يطيعُه، وحماره يستعصي
عليه فلا يواتيه لركوبِهِ. فالخيرُ كلُّه مجموعٌ في طاعةِ اللَّهِ والإقبالِ عليه.
والشر كلُّهُ مجموع في معصيةِ اللَّهِ والإعراضِ عنه.
قال بعضُ العارفينَ: من فارق سُدَّةَ سيدِهِ لم يجْد لقدميه قرارًا أبدًا.
واللهِ ما جئتُكم زائرًا. . . إلا وجدتُ الأرضَ تطوى لي
ولا ثنيتُ العزمَ عن بابِكُمُ. . . إلا تعثرتُ بأذيالِي
* * *