كان بعضُ الصالحينَ، يقولُ: ليت ربِّي جعلَ ثوابي من عمَلِي نظرةً إليه ثم

يقولُ: كُنْ تُرابًا.

كان عليٌّ بنُ الموفقِ، يقولُ: اللَّهُمَّ إنْ كُنتَ تعلمُ أنِّي أعبدُكَ خوفًا من نارِكَ

فعذِّبْني بها، وإنْ كنتَ تعلمُ أنَي أعبدُكَ حبًّا لجنَّتِكَ فاحرمْنِيها، وإنْ كنتَ

تعلمُ أنَّما عبدتُك حبًّا مِنِّي لكَ وشوقًا إلى وجهِكِ الكريمِ فأبحنيهِ واصنعْ بي

ما شئتَ.

سمعَ بعضُهم قائلاً يقولُ:

كبُرت همة عبدٍ طمعتْ في أنْ تراكَا. . . أو ما حسبتَ أنْ ترى من رأكَا

ثم شهق شهقةً فماتَ.

لما غلبَ الشوقُ على قلوبِ المُحبِّينَ استروحُوا إلى مثل هذه الكلماتِ، وما

تُخفِي صدُورُهم أكبرُ.

تجاسرتُ فكاشفْتُكَ لمَّا غلبَ الصبرُ. . . فإنْ عنفني الناسُ ففي وجهِكَ لي عذرُ

أبصارُ المُحبين قد غضَّت من الدنيا والآخرةِ، فلم تفتح إلا عند مشاهدةِ

محبوبِهِم يومَ المزيدِ.

أروحُ وقد ختمتَ على فؤادي. . . بحبِّك أنْ يحل به سواكَا

فلو أنِّي استطعتُ غضضتُ طَرْفِي. . . فلم أنظرْ به حتَّى أراكَا

أحبُّكَ لاببعضِي بلْ بكُلِّي. . . وإنْ لم يُبقِ حبُّكَ لي حِرَاكَا

وفي الأحبابِ مخصوصٌ بوجدٍ. . . وآخرُ يدَّعِي معي اشترَاكَا

إذا اشتبكتْ دموعِي في خدودِي. . . تبيَّن من بكَى ممَّن تباكَا

فأمَّا من بكَى فيذوبَ وجْدًا. . . وينطقُ بالهوى من قد تشَاكَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015