فإنْ كُنت بالأمسِ اقْترفْتَ إساءةً. . . فثن بإحْسان وأنت حميدُ
فلا تُرْج فعلَ الخيرِ يومًا إلى غد. . . لعل غدًا يأتي وأنتَ فقيدُ
وفي "تفسيرِ عبدِ بنِ حُميدٍ" وغيرِه من التفاسيرِ المسندةِ عن الحسنِ في قولِ
اللَّهِ عزَّ وجلَّ: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62) .
قال: منْ عجزَ بالليل كان له في أولِ النهارِ مُسْتَعْتبٌ.
ومنْ عجزَ عن النَهارِ، كان له في الليل مستعتبٌ.
وعن قتادةَ قال: إنَّ المؤمن قد ينسى بالليل ويذكُرُ بالنهارِ، وينسى النهار ويذكرُ بالليلِ.
قال: وجاء رجلٌ إلى سلْمان الفارسي، قال: إني لا أستطيع قيامَ الليل.
قال له: فلا تعجِزْ بالنَهارِ.
قال قتادةُ: فأدُّوا إلى اللَّه من أعمالِكُم خيرًا في هذا الليلِ والنَّهارِ.
فإنَّهما مطيَّتانِ تُقْحمانِ الناسَ إلى آجالِهِم، يقرِّبان كلَّ بعيد، ويُبْليان كُلَّ
جديدٍ، ويجيئانِ بكلِّ موعودٍ، إلى يومِ القيامةِ. َ
* * *
وأمَّا الصبرُ، فإنه ضياءٌ، والضياءُ: هو النورُ الذي يحصلُ فيه نوعُ حرارةٍ
وإشراقٍ كضياءِ الشمسِ بخلافِ القمرِ، فإنَه نور محضٌ، فيه إشراقٌ بغيرِ
إحراقٍ، قال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا) .
ومن هنا وصفَ اللَهُ شريعة موسى بأنها ضياءٌ، كما قال:
(وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِّلْمُتَقِينَ) ، وإن كان قد ذكرَ أن في التوراةِ نورًا، كما قال: (إِنَا أَنزَلْنَا التَوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ) .
لكن الغالبَ على شريعتِهِم الضياءُ لما فيه منَ الآصارِ والأغلالِ والأثقالِ.