قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ)
وقال اللَّهُ تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) .
فأخبر سبحانه وتعالى أنَّه علق معرفةَ السنينَ والحسابِ على تقديرِ القمرِ
منازلَ.
وقيلَ: بل على جعلِ الشمسِ ضياءً والقمرِ نورًا، لأنَّ حسابَ السنةِ
والشهرِ يُعرَفُ بالقمر، واليومُ والأسبوعُ يُعرفُ بالشمس، وبهما يتمُّ الحسابُ.
وقوله تعالى: (لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) لمَّا كان الشهرُ الهلاليُّ لا يحتاجُ إلى عَدٍّ لتوفِيَتِهِ بما بين الهلالينِ، لم يقُلْ: لتعلمُوا عددَ الشهورِ.
فإنَّ الشهر لا يحتاجُ إلى عَدِّه إلا إذا غُمَّ آخرُهُ، فيُكَمَّلُ عددُه بالاتفاقِ، إلا في شهرِ شعبانَ إذا غُمَّ آخِرُهُ بالنسبة إلى صومِ رمضانَ خاصَّة، فإنَّ فيه اختلافًا مشهورًا، وأما السَّنةُ فلا بُدَّ من عددِها، إذْ ليس لها حدٌّ ظاهرٌ في السَّماء فيُحتاجُ إلى عددِها بالشهورِ، ولا سيَّما مع تطاولِ السنينِ وتعدُّدِها.