كذلك قالَ ابنُ عباسٍ - رضي الله عنه -، وحديثُه بذلكَ مخرَّجٌ في "الصحيحين ".
وعن أبي سعيد الخدري: أن رجالاً من المنافقين كانُوا إذا خرج رسولُ اللَّهِ
- صلى الله عليه وسلم - إلى الغزوِ وتخلَّفوا عنه وفرِحُوا بمقعدهِم خلافَ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فإذا قدِمَ رسولُ اللَّهُ اعتذرُوا إليه وحَلَفُوا، وأحبُوا أن يُحمدوا بما لم يفعلوا.
فنزلتْ هذه الآية ُ.
فهذه الخصالُ، خصالُ اليهودِ والمنافقينَ، وهو أن يُظهرَ الإنسانُ في الظاهرِ
قولاً أو فعلاً، وهو في الصورةِ التي ظهرَ عليها حسنٌ، ومقصودُهُ بذلك
التوصُّلُ إلى غَرَضٍ فاسدٍ، فيحمدُهُ على ما أظهر من ذلك الحسَنِ، ويتوصَّلُ
هو به إلى غرَضِهِ الفاسدِ الذي هو أبْطَنَهُ، ويفرحُ بحمدِهِ على ذلك الذي
أظهرَ أنه حسنٌ وفي الباطنِ شيء، وعلى توصُّلِهِ في الباطنِ إلى غرضِهِ
الستَيِّئ، فتتمُّ له الفائدةُ وتُنفّذُ له الحيلةُ بهذا الخداع!!.
ومَنْ كانتْ هذه صفتُهُ فهو داخلٌ في هذه الآيةِ ولا بُدَّ، فهو مُتَوَعَّدٌ
بالعذابِ الأليم، ومثالُ ذلك: أن يُريدَ الإنسانُ ذمَّ رجل وتنقُّصَهُ وإظهارَ عيْبِهِ لينفر الناس عنه إما محبةً لإيذائهِ أو لعداوتِهِ، أو مخافةً من مُزاحمتِهِ على مالٍ أو رئاسة أو غير ذلك من الأسبابِ المذمومةِ، فلا يتوصَّل إلى ذلك إلا بإظهار الطَّعْنِ فيه بسببِ ديني، مثل: أن يكونَ قد ردَّ قولاً ضعيفًا من أقوالِ عالمٍ مشهور فيشيعُ بين من يُعَظِّم ذلك العالِمَ، أن فلانًا يُبْغِضُ هذا العالِمَ ويذمُّه ويطعنُ عليه فيغِرُّ بذلك كلَّ من يُعظمه ويُوهمهُم أن بُغْضَ الرادِّ وأذاهُ من أعمال العربِ، لأنه ذبٌّ عن ذلك العالِم، ورفع الأذى عنه، وذلك قُربةٌ إلى