وقالَ يحيى بنُ معاذٍ: ليسَ بصادقٍ من ادَّعى محبةَ اللَّهِ عزَ وجلَّ ولم
يحفظْ حدودَهُ.
وسُئلَ رُويمٌ عن المحبةِ، فقالَ: الموافقةُ في جميع الأحوالِ، وأنشدَ:
ولو قُلتَ لي مُتْ مِتُّ سمعًا وطاعةً. . . وقُلتُ لداعِي الموتِ أهلاً ومرْحبًا
ولبعضِ المتقدمينَ:
تعصي الإلهَ وأنت تزعُمُ حُبَّه. . . هذا لعَمْرِي في القياسِ شَنيعُ
لو كانَ حُبُّك صادقًا لأطعتَه. . . إنَّ المُحِبَّ لمن يُحبُّ مطيعُ
فجميعُ المعاصِي تنشأُ من تقديمِ هوى النفوسِ على محبةِ اللَّهِ ورسولِهِ.
وقد وصفَ اللَهُ المشركينَ باتِّباع الهَوى في مواضعَ منْ كتابِهِ، وقال تعالى:
(فَإِن لَّم يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاه بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ) .
وكذلكَ البدعُ إنَّما تنشأُ من تقديمِ الهَوى على الشَّرع، ولهذا يُسمَّى أهلُها
أهلَ الأهواءِ.
وكذلكَ المعاصِي إنَّما تقعُ من تقديمِ الهوى على محبةِ اللَّهِ، ومحبةِ ما
يحبه.
وكذلك حَبُّ الأشخاصِ: الواجبُ فيه أنْ يكونَ تبعًا لما جاءَ بهِ الرسولُ
- صلى الله عليه وسلم -.
فيجبُ على المؤمنِ محبةُ اللَّهِ ومحبةُ من يحبُّهُ اللَّهُ من الملائكةِ والرسلِ
والأنبياءِ والصديقينَ والشهداءِ والصالحينَ عمومًا، ولهذا كانَ من علاماتِ
وجودِ حلاوةِ الإيمانِ أن يُحبَّ المرءَ لا يحبُه إلا للَّهِ، ويحرِّمَ موالاةَ أعداءِ اللهِ
ومن يكرهُهُ اللَّهُ عمومًا، وقد سبقَ ذلكَ في موضع آخرَ، وبهذا يكونُ الدِّينُ