الخمرِ مع الرِّبا، وإنْ كانَ قد سبقَ ذكرُ تحريمِ بيع الخمرِ.
وقد رَوى حجَّاجُ بنُ أرطأة - حديثَ عائشةَ -، عن الأعمشِ بإسنادِ
البخاريِّ، ولفظُهُ: لما نزلتْ الآياتُ التي في سورةِ البقرةِ نَهَى رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عن الخمرِ والرِّبا.
وإنَّما أرادَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - واللَّهُ أعلمُ - بتحريمِ التجارةِ في الخمرِ مع الربا ليُعْلمَ بذلك أنَّ الرِّبا الذي حرَّمه اللَّهُ يشملُ جميعَ أكل المالِ مما حرَّمه اللَّهُ من المعاوضاتِ، كما قالَ: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) ، فما كانَ بيْعًا فهو حلالٌ، وما لم يكن بيْعًا فهو رِبًا حرام - أي: هو زيادة على البيع الذي أحلَّه اللَّهُ.
فدخلَ في تحريمِ الربا جميعُ أكلِ المالِ بالمعاوضاتِ الباطلةِ المحرمةِ، مثلُ رِبا
الفضلِ فيما حرَّم فيه التفاضلُ، وربا النَّسَاء فيما حرَّم فيه النَّسأ، ومثل أثمانِ
الأعيانِ المحرَّمة، كالخمرِ والميتةِ والخنزيرِ والأصنامِ، ومثل قَبولِ الهدية على
الشَّفاعةِ، ومثل العقودِ الباطلةِ، كبيع الملامسةِ والمنابذةِ، وبيع حَبَلِ الحبلةِ.
وبيع الغَرَرِ، وبيع الثمرة قبل بدوِّ صلاحِها، والمُخَابرةِ، والسَّلَفِ فيما لا يجوز السَّلَفُ فيه.
وكلامُ الصحابةِ في تسميةِ ذلكَ رِبًا كثير، وقد قالُوا: القَبَالاتُ رِبا، وفي
النَّجشِ أنه رِبا، وفي الصفقتين في الصفقةِ أنه رِبا، وفي بيع الثمرةِ قبلَ بدوِّ
صلاحِها أنَه رِبا.
ورُوي: أنَّ غَبْنَ المُسْتَرسلِ رِبًا، وأنَّ كلَّ قرْضٍ جَرَّ نفْعًا فهو رِبًا.