وهذا الإطباقُ نوعانِ:
أحدُهما: خاصٌّ لمن يدخلُ في النارِ أو مَن يريدُ التضييقَ عليهِ، أجارنا اللَّهُ
من ذلكَ، قال أبو توبة اليزنيّ: إنَّ في النارِ أقوامًا مؤصدةٌ عليهم كما يطبقُ
الحقُّ على طبقِهِ، خرَّجَه ابنُ أبي حاتمٍ.
والثاني: الإطباقُ العامُّ وهو إطباقُ النارِ على أهلِها المخلدينَ فِيهَا.
وقد قالَ سفيانُ وغيرُه في قولِهِ تعالى: (لا يَحْزنهُمُ الْفَزَعُ الأَكبَرُ)
قالوا: هو طبقُ النارِ على أهلِها.
وفي حديثِ مسكينَ أبي فاطمةَ عن اليمانِ بنِ يزيدِ، عن محمدِ بن حميرِ.
عن محمدِ بنِ عليِّ، عن أبيهِ، عن جدّهِ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في خروج الموحدينَ من النارِ، قالَ:
"ثم يبعثُ اللَهُ ملائكةً معهمُ مساميرُ من نارِ وأطباقُ من نار، فيطبقونَهَا
على من بقي فيها ويسمرونَها بتلكَ المساميرِ، يتناساهمُ الجبارُ على عرشِهِ من رحمته، ويشتغلُ عنهم أهلُ الجنةِ بنعيمِهم ولذاتِهم "
خرَّجهُ الإسماعيليُّ وغيره، وهو حديثٌ منكر؛ قاله الدارقطنيُّ.
وروى ابنُ أبي حاتمٍ بإسنادِهِ عن سعيدِ بنِ جبيرِ، قالَ: ينادِيَ رجلٌ في
شعبِ من شعابِ النارِ مقدارَ ألف عامِ، يا حَنَّان يا مَنَّان، فيقولُ اللَّهُ تعالى:
يا جبريلُ أخرجْ عبدِي، فيجدُها مطبقةٌ، فيقولُ: يا رب إنَّها عليهم مطبقة
مؤصدةٌ.
وقال قتادةُ عن أبي أيوبَ العتكيُّ عن عبدِ اللَّهِ بنِ عمرِو: إذَا أجابَ اللَّهُ
أهلَ النارِ بقوله: (اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تكَتِمُونِ) أطبقتْ عليهم.
فيئسَ القومُ بعدَ تلكَ الكلمةِ، وإن كانَ إلا الزفيرُ والشهيقُ.