وخرجَ ابنُ أبي حاتمٍ من حديثِ ابنِ لَهيعةَ، قالَ: حدثني عطاءُ ابنُ دينارٍ.
عن سعيدِ بنِ جُبير في قولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ)
قالَ: كان المسلمونَ يرونَ أنَّهُم لا يُؤجرونَ على الشَّيءِ القليلِ إذا
أَعطؤه، فيجيءُ المسكينُ، فيستقلُّون أن يُعطوه تمرةً وكِسرةً وجُوزةً ونحوَ ذلك، فيردُّونه، ويقولونَ: ما هذا بشيء، إنما نُؤجر على ما نُعطِي ونحنُ نحبُّه.
وكانَ آخرونَ يرونَ أنَّهم لا يُلامونَ على الذَّنبِ اليسيرِ مثل الكذبةِ والنظرةِ
والغيبةِ وأشباه ذلكَ، يقولونَ: إنَّما وعدَ اللَّهُ النارَ على الكبائرِ، فرغَّبهم اللَّهُ في القليلِ من الخيرِ أن يعملُوه، فإنَّه يُوشِكُ أن يكُثر، وحذرهُمُ اليسيرَ من الشرِّ، فإنَّه يُوشِكُ أن يكثُرَ فنزلتْ: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَةٍ)
يعني: وزنَ أصغرِ النمل (خَيْرًا يَرَهُ) يعني في كتابِهِ، ويسُرُّهُ ذلكَ قال:
يُكتب لكلِّ برً وفاجرٍ بكلِّ سيئةٍ سيئةٌ واحدةٌ، وبكلِّ حسنةٍ عشرُ حسناتٍ، فإذَا كانَ يومُ القيامةِ، ضاعفَ اللَّهُ حسناتِ المؤمنِ أيضًا بكلِّ واحده عشرًا، فيمحُو عنه بكلِّ حسنةٍ عشرَ سيئاتٍ، فمن زادتْ حسناتُه على سيئاتهِ مثقالَ ذرَّ، دخل الجنة.
وظاهرُ هذا أنه تقعُ المقاصةُ بين الحسناتِ والسيئاتِ، ثم تسقطُ الحسناتُ