وذلك لا يجوز على اللَّهِ تعالى.
والمعنى: وما قلى أحدًا قط، ثم قال:
(وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لكَ مِنَ الأُولَى) ولم يقلْ: خير على الإطلاقِ، وإنَّما المعنى خير
لك ولمن آمن بك.
وقوله: (فَآوَى) ولم يقلْ: فآواك، لأنه أرادَ: آوى بك إلى يومِ القيامةِ.
* * *
وقال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى) .
والمرادُ وجدَك غيرَ عالم بما علَّمَك من الكتابِ والحكمةِ، كما قالَ تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ) فالإنسانُ يُولدُ مفطورًا على قبولِ الحقّ، فإنْ هداه اللَّهُ سبَّبَ له منْ يعلمُهُ الهُدى، فصارَ مهتديًا بالفعلِ بعدَ أن كان مهتديًا بالقوَّةِ، وإنْ خذَلَهُ قيَّضَ له من يعلِمُهُ ما يُغيرُ فطرتَه، كما قال - صلى الله عليه وسلم -:
"كلُّ مولود يولد على الفطرةِ، فأبواه يُهَوِّدَانِهِ ويُنصرانِهِ ويمجِّسانِهِ ".
* * *