" لوأنَّ ذَنُوبًا من شرابِ جهنمَ صُبَّ في ماءِ الأرضِ جميعًا لقتل من ذاقه ".
خرجَ بعضُ المتقدمينَ فمر بكرومٍ بقرية يقال لها: طيزناباد، وكأنَّه كانَ
يُعصرُ فيها الخمرُ، فأنشدَ يقول:
بطيزناباد كَرْم ما مررتُ به. . . إلا تعجبتُ ممن يشربُ الماءَ
فهتف به هاتف يقول:
وفي جهنمَ ماءٌ ما تجرعهُ. . . حلقٌ فأبقى له في البطنِ أمعاء
* * *
قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (70)
قال ابن الجوزي في "المقتبس ": سمعت الوزير يقول في قولِهِ تعالى:
(لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا) ، (لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا) .
قال: تأملتُ دخول اللامِ وخروجَها فرأيتُ المعنى: أنَّ اللامَ تقعُ للاستقبالِ، تقول: لأضربنَّك، أي: فيما بعدُ، لا في الحال، والمعنى: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا) أي: في مستقبلِ الزَّمان إذا تَمَّ فاستحصدَ، وذلك أشدُّ العذابِ، لأنَّها حالةُ انتهاء