وقدْ صرحَ ابنُ عباسٍ في رواية عنه، ومجاهد، بأنَّ الغسَّاق ههنا هو الباردُ
الشديدُ البردِ.
ويدلُّ عليه قولُه تعالى: (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) .
فاستثنى من البردِ الغسَّاقَ ومن الشرابِ الحميمَ.
وقد قيل: إن الغسَّاقَ هو الباردُ المنتن، وليس بعربيّ.
وقيل: إنَّه عربيّ، وإنه فَعّال من غسَقَ يَغسِقُ، والغاسقُ: الليلُ، وسُميَ غاسقًا لبردِه.
النوع الثالث: الصَّدِيدُ: - قال مجاهد في قولِه تعالى:
(وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ) .
قال: يعني القيحَ والدَّمَ، وقالَ قتادةُ: (وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ)
قال: ما يسيلُ من بينِ لحمِه وجلدهِ؛ قالَ: (يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ) .
قالَ قتادةُ: هلْ لكُم بهذا يدانِ، أم لكُم على هذا صبر؟
طاعةُ اللَّهِ أهونُ عليكُم -
يا قوم - فأطيعُوا اللَّهَ ورسولَه.
وخرَّج الإمامُ أحمدُ والترمذيُّ، من حديثِ أبي أمامةَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، في قوله: (وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ) .
قال: يقربُ إلى فيه فيكرعُهُ، فإذا أُدني منه، شَوى وجهَه، ووقعت فروةُ
رأسِه؛ فإذا شَرِبه قطَّعَ أمعاءَه، حتَّى يخرجَ من دبرِه، يقولُ اللَّهُ تعالى:
(وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَعَ أَمْعَاءَهُمْ) .
وقال: (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) .