وقد قيلَ: إن هذا مما اشتبهَ على بعضِ الرواةِ فيه ما قالَهُ بعضُ اليهود.
فظنه مرفوعًا فرفَعَهُ، وقد وَقَعَ مثلُ هذا لغيرِ واحدٍ من متقدمِي الرواةِ، وأُنكرَ ذلك عليهِم، وأنكرَ الزبيرُ على من سَمِعَهُ يحدثُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقالَ: إنَّما حكاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بعضِ أهلِ الكتابِ.
فرَوَى مسلمُ بنُ الحجاج في "كتابِ التفصيلِ" والبيهقيُّ في "المدخلِ " من
روايةِ ابنِ أبي الزِّناد، عن هشامِ بن عُروةَ، عن عبدِ اللهِ عُروةَ، عن عُروةَ.
أن الزبيرَ سمع رجلاً يحدثُ حديثًا عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فاستمعَ الزبيرُ له، حتَى إذا قَضَى الرجلُ حديثَه قال لهُ الزبيرُ: أنتَ سمعتَ هذا من رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟
قال الرجلُ: نعم.
فقالَ الزبيرُ: هذا وأشباهه مما يمنعَنا أن نحدثَ عن رسولِ
اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، قد - لعمرِي - سمعتُ هذا من رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وأنا يومئذٍ حاضر، ولكنَّ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ابتدأ هذا الحديثَ، فحدثناهُ عن رجلٍ من أهلِ الكتابِ
حدَّثه إياه، فجئتَ أنتَ بعد أن تقضَّى صدرُ الحديثِ وذكرُ الرجلِ الذي من
أهلِ الكتابِ، فظننتَ أنه من حديث رسولِ اللَّه - صلى الله عليه وسلم -.
وروى مسلمٌ - أيضًا - في "كتابِ التفصيلِ " بإسنادٍ صحيح، عن بُكيرِ
ابنِ الأشَج، قالَ: قال لنا بُسر بنُ سعيدٍ: أيها الناسُ، اتقوا الله، وتحفظُوا في الحديثِ، فواللَّهِ لقد رأيتُنَا نجالسُ أبا هريرةَ، فيحدثنا عن رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
ويحدثُنا عن كعبٍ، ثم يقومُ، فأسمعُ بعضَ من كانَ معنا يجعلُ حديثَ
رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عن كعب، ويجعل حديثَ كعبٍ عن رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.