قال المحقِّقون مِنَ العُلماءِ: كلُّ مؤمِنِ مُسلم، فإنَّ من حقَّق الإيمانَ، ورسخَ
في قلبِهِ، قام بأعمالِ الإسلامِ، كما قالَ - صلى الله عليه وسلم -:
"ألا وإن في الجسدِ مُضغة، إذا صلحتْ، صلَّحَ الجسدُ كلُّه، وإذا فسدتْ، فسدَ الجسدُ كلُّه، ألا وهيَ القلبُ ".
فلا يتحقَّقُ القلبُ بالإيمانِ إلا وتنبعِثُ الجوارحُ في أعمالِ الإسلامِ، وليسَ كلُّ
مسلم مؤمنًا، فإنَّه قد يكونُ الإيمانُ ضعيفًا، فلا يتحقَّقُ القلبُ به تحقُّقًا تامًّا.
معَ عملِ جوارحِهِ بأعمالِ الإسلامِ، فيكونُ مسلمًا وليس بمؤمنِ الإيمانَ التامَّ
كما قالَ تعالَى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) ، ولم يكونُوا مُنافقينَ بالكُلَيَّةِ على أصحِّ
التفسيرينِ، وهو قولُ ابنِ عباسٍ وغيرِه، بل كانَ إيمانُهم ضعيفًا، ويدلُّ عليه
قولُه تعالى: (وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا) .
يعني: لا ينقُصعكم من أجورِها، فدلَّ على أنَّ معهم من الإيمانِ ما تُقبلُ به
أعمالُهم.
وكذلك قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لسعد بن أبي وقَّاص لمَّا قال له: لمْ تعطِ فلانًا وهو مؤمنٌ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
"أو مسلمٌ " يُشيرُ إلى أنَّه لم يُحقق مقامَ الإيمانِ.
وإنما هو في مقامِ الإسلامِ الظَّاهرِ، ولا ريبَ أنَّه متى ضعفَ الإيمانُ الباطنُ.
لزمَ منه ضعفُ أعمالِ الجوارح الظاهرةِ أيضًا، لكن اسمَ الإيمانِ يُنفى عمَّن
تركَ شيئًا مِن واجباتهِ، كَمَا في قوله: "لا يزني الزاني حينَ يزني وهو مؤمن ".
وقد اختلفَ أهلُ السُّنةِ: هل يُسمَّى مؤمنًا ناقصَ الإيمانِ، أو يقالُ: ليسَ