فإذا أدنَوه من أفواهِهم أنضجَ حرُّهُ الوجوهَ فيُصهرُ به ما في بطونِهِم، ويُضربُون بمقامعَ من حديدٍ فيسقطُ كلُّ عضو على حيالِهِ يدعُونَ بالثبورِ.
وقولُهُ تعالى: (ثمَّ إِد مَرْجِعَهُمْ لإِلَى الْجَحِيمِ) .
أي: بعدَ أكل الزقومِ وشربِ الحميم عليه، ويدلُّ هذا على أنَّ الحميمَ خارجٌ من الجحيم فهم يردُونَه كما تَرِدُ الإبلُ الماءَ، ثمَّ يَرِدُون إلى الجحيم، ويدلُّ على هذا أيضًا قولُه تعالى: (هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (44) .
والمعنى أنَّهم يتردَّدُون بينَ جهنمَ والحميم فمرةٌ إلى هذا، ومرةٌ
إلى هذا قالَهُ قتادةُ وابنُ جريجٍ، وغيرُهما.
وقال القرظيُّ في قولِهِ: (يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ)
قالَ: إنَّ الحميمَ دونَ النَّارِ، فيُؤخذُ العبدُ بناصيتِه فيُجرُّ في ذلك الحميم حتى يذوبَ اللحمُ ويبقى العظمُ والعينان في الرأسِ، وهذا الذي يقول اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) .
* * *