سُورَةُ الزُّخْرُفِ

قوله تعالى: (مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58)

ومما أنكره السلفُ: الجدالُ والخصامُ والمراءُ في مسائلِ الحلالِ والحرامِ، ولم

يكنْ ذلكَ طريقةَ أئمةِ الإسلامِ، وإنَّما أحدثَ ذلكَ بعدَهُم كما أحدَثَهُ فقهاءُ

العراقيينَ في مسائل الخلافِ بين الشافعية والحنفية، وصنفوا كتبَ الخلافِ

ووسَّعُوا البحثَ والجدالَ فيها، وكلُّ ذلك لا أصلَ له وصارَ ذلكَ علمُهُم.

حتى شغَلَهم عن العلِم النافع.

وقد أنكرَ ذلك السلفُ ووردَ في الحديث المرفوع في "السنن ":

" ما ضل قوم بعدَ هدى كانُوا عليه إلا أوتوا الجدلَ ".

ثم قرأ: (مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) .

وقال بعضُ السلفِ: إذا أرادَ اللَّهُ بعبدٍ خيرًا فتحَ له بابَ العملِ وأغلقَ عنه

باب الجدلِ، وإذا أراد اللَّهُ بعبدٍ شرًّا أغلقَ عنه بابَ العملِ، وفتحَ له بابَ

الجدلِ.

وقال مالكٌ: أدركتُ أهل هذه البلدةِ وإنَّهم ليكرهونَ هذا الإكثارَ الذي

عليه الناسُ اليومَ، يريدُ المسائلَ.

وكان يعيبُ كثرةَ الكلامِ والفُتيا ويقولُ:

يتكلمُ أحدُهُم كأنَّه جمل مغتلم، يقولُ: هو كذا هو كذا، يهدرُ كلامَهُ، وكان يكرهُ الجوابَ في كثرةِ المسائلِ، ويقولُ: قالَ اللَّه عزَّ وجلَّ: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) ، فلم يأتِهِ في ذلكَ جوابٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015