الجبلين ثم أفرغ عليه النحاس المذاب
فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ أصل اسطاعوا استطاعوا حذفت التاء تخفيفا، والضمير في يظهروه للسدّ، ومعنى يظهروه يعلوه ويصعدوا على ظهره فالمعنى أن يأجوج ومأجوج لا يقدرون أن يصعدوا على السدّ لارتفاعه ولا ينقبوه لقوته قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي القائل ذو القرنين وأشار إلى الردم فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي يعني القيامة جعله دكا أي مبسوطا مسوى بالأرض وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ الضمير في تركنا لله عز وجل، ويومئذ يحتمل أن يريد به يوم القيامة، لأنه قد تقدم ذكره فالضمير في قوله بعضهم على هذا لجميع الناس، أو يريد بقوله يومئذ يوم كمال السد، والضمير في قوله: بعضهم على هذا ليأجوج ومأجوج، والأول أرجح لقوله بعد ذلك:
ونفخ في الصور فيتصل الكلام ويموج عبارة عن اختلاطهم واضطرابهم وَنُفِخَ فِي الصُّورِ الصور هو القرن الذي ينفخ فيه يوم القيامة حسبما جاء في الحديث، ينفخ فيه إسرافيل نفختين إحداهما للصعق والأخرى للقيام من القبور وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ أي أظهرناها كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عبارة عن عمى بصائرهم وقلوبهم، وكذلك لا يستطيعون سمعا أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ يعني أنهم لا يكونون لهم أولياء، كما حكي عنهم أنهم يقولون أنت ولينا من دونهم، والعباد هنا من عبد مع الله ممن لا يريد ذلك كالملائكة وعيسى ابن مريم أَعْتَدْنا أي يسرنا نُزُلًا ما ييسر للضيف والقادم عند نزوله، والمعنى أن جهنم لهم بدل النزل كما أن الجنة نزل في قوله «كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا» ويحتمل أن يكون النزل موضع النزول.
قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الآية في كفار العرب كقوله: كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ وقيل: في الرهبان لأنهم يتعبدون يظنون أن عبادتهم تنفعهم وهي لا تقبل منهم، وفي قوله: يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ تجنيس وهو الذي يسمى تجنيس التصحيف فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً أي ليس لهم حسنة توزن لأن أعمالهم قد حبطت جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ هي أعلى الجنة حسبما ورد في الحديث ولفظ الفردوس أعجمي معرب حِوَلًا أي تحوّلا وانتقالا قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي الآية إخبار عن اتساع علم الله تعالى