وفي إسناد التحريم إلى الله بعث للنفوس على الخشية من الإقدام على المخالفة، وتنبيه لها على ما يكفها عن الإقدام، وهو استشعار عظمة الله.
وبين تعالى بقوله: {إِلَّا بِالْحَقِّ} أن القتل المحرم هو القتل الباطل، وأن القتل بالحق ليس بمنهي عنه. وبين الحق في الحديث الصحيح بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ:
«لا يحل دم امرىء مسلم إلاّ بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه، المفارق للجماعة» (?) في غير هذه الثلاث مما جاء في بيانات أخرى عن بعض الأئمة، ويرجع إلى إحدى هذه الثلاث. أو يقال بتقدم هذا الحصر في الورود عليها، وهذا القتل الحق لا يتولاه أفراد الناس في بعضهم، وإنما يتولاه الإمام الذي إليه القيام بتنفيذ الأحكام وفصل الحقوق.
القتل وسفك الدم عمل قديم في البشر، فلهم- على الجملة- ضراوة عليه وإلف به. وأعظم ما يكف الشخص عن نفس أخيه خوفه على نفسه. فلذلك شرع الله تعالى القصاص بين النفوس، وبين تعالى ذلك بقوله: {ومن قُتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطانا}.
(المظلوم) من قتل عمداً عدواناً.
(والولي) هو القريب.
(والسلطان) هو التسلط.
والمعنى:
ومن قتل عمداً عدواناً، فقد جعلنا لقريبه تسلطاً بتمكينه من القصاص.
كفاء النفس نفس. فلا يقتل إلاّ القاتل بما قتل دون غيره، ودون تمثيل به. وبين تعالى هذا بقوله: {فلا يسرف في القتل}، أي لا يتجاوز القصاص المشروع؛ لأن الإسراف ظلم، ومثير للحفائط فيتسلسل الشر.
الموتور هو من قتل قريبه، ولفقد القريب لوعة، ربما تذهب بالنفس إلى شر غاية، فذكر