العامل لعمل عادي دنيوي، من أكل وشرب ونوم وجماع ونحوها، فهذا إذا قصد بعمله النفع الدنيوي، ولا قصد له في الثواب، فهو غير مأجور ولا مأزور، وهذه هي حالة أهل الغفلة والجهل.
عامل الأعمال العادية الذي يتناولها بنية كونها مباحاً تناوُلُها شرعاً. ويقصد بها التوسل إلى ما يتوقف عليها من أعمال واجبة ومندوبة، وإلى الانكفاف بها عن المحرمات والمكروهات.
كمباضعة (?) زوجته للقيام بواجب حقها، وكف نفسه وكفها.
وكالنوم ليقوى على العبادة.
والرياضة ليصح للطاعة. فهذا مثاب وسعيه مشكور، وله ما نوى.
وبهذه السبيل يستطيع العبد الموفق أن تكون حركاته وسكناته كلها لله وفي طاعته، دائم الذكر له يعبده كأنه يراه (?)، لأن من كان يعبد كأنه يرى مولاه لا يمكن أن يغفل عنه قلبه ويشغل بسواه، حتى إذا اشتغل بشيء كان بإذنه ورضاه فلم يخرج في أي عن حضرة قدس الله.
ومن أدلة هذا قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في حديث أبي ذر رضي الله عنه عند مسلم:
«وفي بضع (?) أحدكم صدقة. قالوا يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرا» (?).
...
من الناس من يخترع أعمالاً وأوضاعاً من عند نفسه، ويتقرب بها إلى الله، مثل ما اخترع المشركون عبادة الأوثان بدعائها، والذبح عليها، والخضوع لديها، وانتظار قضاء الحوائج منها ... وهم يعلمون أنها مخلوقة لله، مملوكة له، وإنما يعبدونها- كما قالوا- لتقربهم إلى الله زلفى (?).