أخفى وأدق، وإن كانت من شياطين الإنس أعظم وأخطر وأدهى وأمر: فشيطان الجن يستخدم شيطان الإنس للشر والإفساد، فيربى عليه ويكون شراً منه، لأنه بمثابة السلاح الذي يفتك به؛ ورب كلمة واحدة صغيرة يوحيها جني لإنسي، ويوسوس إليه بتنفيذها، فتتولد منها فتن، ويتمادى شرها من قرن إلى قرن ومن جيل إلى جيل.
وهذا النوع الإنساني المهيأ لقابلية الخير وقابلية الشر، إذا انحط وتسفل كان شراً محضاً، وإذا ترقى وتعالى شارف أفق الملأ الأعلى، وأوشك أن يكون خيراً محضاً، لولا أن العصمة لم تكتب إلاّ لطائفة منه، وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
فالإنسان إذا انحط يكون شراً من الشيطان، وإذا ارتقى يكون أفضل من الملك- أعني جنس الإنسان- ومن هذا الجنس، كان محمد- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أكمل الخلق الذي ليس لمخلوق رتبة مثله في الكمال.
وأخيراً {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.