أبواب الذكر بما لا يؤدي إلى ترك أو تقليل تلاوة القرآن الذي هو أفضل الاذكار.
وهذا الرأي المتقدم في تفضيل الصلاة على التلاوة، مخالف تمام المخالفة لما نقلناه في: "نتيجة الاستدلال" عن أئمة السلف والخلف: من أن قراءة القرآن أفضل من جميع الأذكار، ولم يفرقوا في ذلك بين عامة وخاصة. ومخالف كذلك لمقاصد الشرع من تلاوة القرآن، وذلك من وجوه:
أن المذنبين مرضى القلوب: فإن القلب هو المضغة التي إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله (?)؛ فكل معصية يأتي بها الجسد هي من فساد في القلب ومرض به.
وإن الله تعالى قد جعل دواء أمراض القلب تلاوة القرآن فقال تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [[يونس: 57]]. {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82].
فمقصود الشرع من المذنبين أن يتلوه ويتدبروه ويستشفوا به بألفاظه ومعانيه.
وذلك الرأي يصرف المذنبين عن تلاوته!
أن القلوب تعتريها الغفلة والقسوة، والشكوك والأوهام، والجهالات، وقد تتراكم عليها هذه الأدران كما تتراكم الأوساخ على المرآة فتطمسها وتبطل منفعتها، وقد يصيبها القليل منها أو من بعضها، ولا تسلم القلوب على كل حال من إصابتها فهي محتاجة دائماً وأبداً إلى صقل وتنظيف بتلاوة القرآن. وقد أرشد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إلى هذا- فيما رواه البيهقي في الشعب، والقرطبي في التذكار:
«إن القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد. قالوا: يا رسول الله فما جلاؤها؟ قال: تلاوة القرآن» (?).