المطر ينزل من السحاب لقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ} [النور: 43].
وجاء مراداً به طبقات الجو في مثل: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ} [النور: 43]. والبرد يتكون في طبقات الجو.
والمتتبع لمواقع لفظة السماء من الكتاب العزيز يتحقق هذا.
...
{وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ}.
{الأرض} هي هذه الكرة التي نعيش عليها.
{فرشناها} بسطناها بزينتها ومنافعها.
{الماهدون} من مهد الشيء وضعه وسواه وهيأه للنوم والجلوس والراحة.
ويجري في تقديم الأرض ما تقدم في تقديم السماء.
ومن يسير على هذا البساط المفروش (?)، ويطلع على ما هي فيه من أسباب الحياة لكل ما فيه من حيوان لا يتمالك أن ينطق بالمدح والثناء على من هيأ هذه التهيئة، ومهد هذا التمهيد، ولذا قرنت الجملة الأخيرة بالفاء فقيل: {فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ}.
ولا يعني فرش الأرض عن مهدها؛ لأن المهد يتضمن ما حصل فيها من مرافق ومواد وأسباب للعيش على أديمها والتنعم بخيراتها.
إن الأرض التي أنتم متمكنون من الوجود على ظهرها، والسير في مناكبها والانتفاع بخيراتها، نحن فرشناها لكم، وهيأنا لكم أسباب الحياة والسعادة فيها، على أكمل وجه وأنفعه وأبدعه، مما نستحق به منكم الحمد والثناء.
شأن الفراش أن يكون ما تحته لا يصلح للجلوس والنوم عليه. وما تحت وجه الأرض هو كذلك لا يصلح للحياة فيه؛ فإن تحت القشرة العليا من الأرض، المواد المصهورة، والمياه المعدنية، والأبخرة الحارة، مما تنطق به البراكين المنتشرة على وجه الأرض في أماكن عديدة؛ فكانت القشرة العليا من الأرض مثل الفراش تماماً.