فالآية حث وترغيب على قيام الليل للعموم، ووعد له- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بالمقام المحمود.
هو مقامه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، للشفاعة العظمى، يشفع للخلائق (?) وقد جهدوا من كرب الموقف. فجاءوا إلى كبراء الرسل- عليهم الصلاة والسلام- يسألونهم أن يشفعوا لهم إلى ربهم، ليفصل القضاء، ويريحهم من كرب الموقف، فيتدافع الشفاعة أولئك الرسل- عليهم الصلاة والسلام- ويتنصلون منها بأعذار رهيبة للرب جل جلاله، حتى ينتهوا إليه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فيتقدم فيشفع، ويسأل فيعطى. جاء هذا كله مفصلًا في الأحاديث الصحيحة المستفيضة (?). فيحمده الخلق كلهم لما يرون من فضله عند ربه، ولما وصل إليهم من الخير المطلوب بسببه.
ثم له- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بعد هذه الشفاعة العظمى شفاعات أخرى بينتها صحاح الأحاديث.
ولعموم فضل هذه الشفاعة العظمى لأهل الموقف كلهم قال- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- كمافي صحيح مسلم:
«أنا سيد الناس يوم القيامة» (?). والسيد من يتولى أمر السواد، فظهر عموم سيادته بعموم نفعه.
وقد فسر المقام المحمود بمقام الشفاعة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رواه عنه البخاري في صحيحه (?)، وفسره بها غيره (?).