عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (57)} [الإسراء: 56 و57].

(الدعاء): هو النداء لطلب شيء من المدعو، ولذلك لا يدعو إلاّ العاقل، أو ما نزل منزلته مجازاً من الجمادات، أو ما كان له فهم لبعض الأصوات من العجماوات (?).

وإذا كان لشيء معظم، ليطلب منه ما هو وراء الأسباب العادية، وفوق الطاقة البشرية، فهو عبادة، ولا يكون إلاّ من المخلوق لخالقه، واذا لم يكن كذلك فهو عادة، وهو دعاء المخلوقين بعضهم بعضاً لغرض من الأغراض.

و (الزعم) القول بغير دليل.

(ومن دونه) أي غيره. (والملك) الاستيلاء على الشيء، والتمكن من التصرف فيه.

(وكشف الضر): إزالته.

{ولا تحويلاً}: نقلاً له إلى شخص آخر.

أمروا بالدعاء لتوقيفهم على خيبتهم فيه بظهور عجز من يدعون. وحذف مفعولا زعم، والتقدير: زعمتموهم آلهة؛ للعلم بهما؛ لأنهم ما دعوهم إلاّ لكونهم آلهة في زعمهم.

و {لا يملكون} وقع بعد الفاء ولم يجزم في جواب الأمر؛ لأنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره:

فهم لا يملكون، وهذا لأن الفاء قصد بها العطف، ولم يقصد بها السببية (?) - ولا يصح أن تقصد بها السببية- لأن ذلك يقتضي أن يكون عدم ملكهم متسبباً عن الدعاء، مثلها في قول الشاعر:

رَبِّ وَفِّقْنِي فَلاَ أَعْدِلَ عَنْ ... سَنَنِ السَّاعِينَ فِي خَيْرِ سَنَنْ (?)

فإن عدم العدول متسبب عن التوفيق.

وليس كذلك الأمر في هذه الآية؛ فإن عدم ملكهم متحقق، سواء دعوا أم لم يدعوا.

فلذلك امتنع النصب ووجب الرفع على التقدير المتقدم (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015