قَالَ عَطَاءٌ، وَذَكَرَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ {فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ} [النمل: 22] فَقَرَأَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: {سَنَنْظُرَ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا} [النمل: 28] وَكَتَبَ {بِسْمِ اللَّهِ الرٍّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] إِلَى بِلْقَيْسَ {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: 31] فَلَمَّا أَلْقَى الْهُدْهُدُ الْكِتَابَ إِلَيْهَا أُلْقِيَ فِي رُوعِهَا أَنَّهُ كِتَابٌ كَرِيمٌ وَ {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ} [النمل: 30] وَ {أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: 31] {قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ} {قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا} [النمل: 34] {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ} [النمل: 35] فَلَمَّا جَاءَتِ الْهَدِيَّةُ سُلَيْمَانَ {قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ} [النمل: 36] {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ} [النمل: 37] فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى الْغُبَارِ، أَنْبَأَ -[2897]- ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: وَكَانَ بَيْنَ مَلِكَةِ سَبَأٍ وَمَنْ مَعَهَا حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْغُبَارِ كَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحِيرَةِ " قَالَ عَطَاءٌ: وَمُجَاهِدٌ حِينَئِذٍ فِي الْأَزْدِ فَقَالَ سُلَيْمَانُ {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} [النمل: 38] قَالَ: بَيْنَ عَرْشِهَا وَبَيْنَ سُلَيْمَانَ حِينَ نَظَرَ إِلَى الْغُبَارِ مَسِيرَةُ شَهْرَيْنِ {قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} [النمل: 39] قَالَ: وَكَانَ لِسُلَيْمَانَ مَجْلِسٌ يَجْلِسُ فِيهِ لِلنَّاسِ كَمَا تَجْلِسُ الْأُمَرَاءُ ثُمَّ يَقُومُ، فَقَالَ: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} [النمل: 39] قَالَ: سُلَيْمَانُ: أُرِيدُ أَعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ: فَقَالَ {الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ} [النمل: 40] أَنَا أَنْظُرُ فِي كِتَابِ رَبِّي، ثُمَّ {آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} [النمل: 40] قَالَ: فَنَبَعَ عَرْشُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمِ سُلَيْمَانَ، مِنْ تَحْتِ كُرْسِيٍّ كَانَ يَضَعُ عَلَيْهِ رِجْلَهُ ثُمَّ يَصْعَدُ إِلَى السَّرِيرِ، قَالَ: فَلَمَّا رَأَى سُلَيْمَانُ عَرْشَهَا {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي} [النمل: 40] {قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا} [النمل: 41] {فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ} [النمل: 42] لَهَا {أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ} [النمل: 42] قَالَ: فَسَأَلَتْهُ حِينَ جَاءَتْهُ عَنْ أَمْرَيْنِ، قَالَتْ لِسُلَيْمَانَ، مَا مَاءٌ مِنْ زَبَدٍ رُوَاءٍ لَيْسَ مِنْ أَرْضٍ وَلَا سَمَاءٍ؟ وَكَانَ سُلَيْمَانُ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ سَأَلَ عَنْهُ الْإِنْسَ، ثُمَّ سَأَلَ عَنْهُ الْجِنَّ، ثُمَّ سَأَلَ عَنْهُ الشَّيَاطِينَ قَالَ: فَقَالَتِ الشَّيَاطِينُ: هَذَا هَيِّنٌ أَجْرِ الْخَيْلَ، ثُمَّ خُذْ عَرَقَهَا ثُمَّ امْلَأْ مِنْهُ الْآنِيَةَ قَالَ: أَمَرَ بِالْخَيْلِ فَأُجْرِيَتْ، ثُمَّ أَعَدَّ عَرَقَهَا فَمَلَأَ مِنْهُ الْآنِيَةَ قَالَ: سَأَلَتْ عَنْ لَوْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: فَوَثَبَ سُلَيْمَانُ عَنْ سَرِيرٍ، فَخَرَّ سَاجِدًا، فَقَالَ: يَا رَبِّ، لَقَدْ سَأَلَتْنِي عَنْ أَمْرٍ إِنَّهُ لَيَتَكَايَدُ فِي قَلْبِي أَنْ أَذْكُرَهُ لَكَ، قَالَ: ارْجِعْ فَقَدْ كَفَيْتُكُمْ، قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ: مَا سَأَلْتِ عَنْهُ؟ فَقَالَتْ: مَا سَأَلْتُكَ إِلَّا عَنِ الْمَاءِ، قَالَ: لِجُنُودِهِ: مَا سَأَلَتْ عَنْهُ؟ فَقَالُوا: مَا سَأَلَتْكَ إِلَّا عَنِ الْمَاءِ قَالَ: وَنُسُّوهُ كُلُّهُمْ، قَالَ: فَقَالَتِ الشَّيَاطِينُ: لَسُلَيْمَانُ يُرِيدُ أَنَ يَتَّخِذَهَا لِنَفْسِهِ، فَإِنِ اتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ وُلِدَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ نَنْفَكَّ مِنْ عُبُودِيَّةٍ، قَالَ: فَجَعَلُوا صَرْحًا مُمَرَّدًا مِنْ قَوَارِيرَ فِيهِ السَّمَكُ، قَالَ: {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا} [النمل: 44] فَإِذَا هِيَ شَعْرَاءُ فَقَالَ سُلَيْمَانُ: هَذَا قَبِيحٌ مَا يُذْهِبُهُ؟ فَقَالُوا: يُذْهِبُهُ الْمَوَاسِي فَقَالَ نَبِيُّهُمْ: أَثَرُ الْمَوَاسِي قَبِيحٌ قَالَ: فَجَعَلَتِ الشَّيَاطِينُ النَّوْرَةَ قَالَ: فَهُوَ أَوَّلُ مَا جُعِلَتِ النَّوْرَةُ لَهُ قَالَ: فَقَرَأَ مَا بَيْنَ {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ} [النمل: 20] حَتَّى انْتَهَى {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا} [النمل: 37] " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا أَحْسَنَهُ مِنْ حَدِيثٍ