12193 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثنا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِي قَوْلِ اللَّهِ: " {وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} [الرعد: 10] قَالَ: أَتَى عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، وَأَرْبَدُ بْنُ رَبِيعَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ لَهُ عَامِرٌ: مَا تَجْعَلُ لِي إِنْ أَنَا تَبِعْتُكَ؟ قَالَ: أَنْتَ -[2231]- فَارِسٌ، أُعْطِيكَ أَعِنْةَ الْخَيْلِ، قَالَ: فَقَطْ، قَالَ: فَمَا تَبْتَغِي؟ قَالَ: لِيَ الشَّرْقُ وَلَكَ الْغَرْبُ. قَالَ: لَا. قَالَ: فَلِيَ الْوَبَرُ وَلَكَ الْمَدَرُ، قَالَ: لَا. قَالَ: لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا وَرِجَالًا. قَالَ: يَمْنَعُكَ اللَّهُ ذَلِكَ وَأَبْنَاءُ قَيْلَةَ - يُرِيدُ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ - قَالَ: فَخَرَجَا. فَقَالَ عَامِرٌ: لِأَرْبَدَ إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَنَا يُمْكِنَّا لَوْ قَتَلْنَاهُ مَا انْتَطَحَتْ فِيهِ عِنْزَانِ وَلَرَضُوا بِأَنْ يَعْقِلَهُ لَهُمْ، وَأَحَبُّوا السَّلْمَ، وَكَرِهُوا الْحَرْبَ إِذَا رَأَوْا أَمْرًا قَدْ وَقَعَ، فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: إِنْ شِئْتِ فَتَشَاوَرَا، وَقَالَ: ارْجِعْ فَإِنَّمَا أَشْغَلُهُ عَلَيْكَ بِالْمُجَادَلَةِ، وَكُنْ أَنْتَ وَرَاءَهُ واضْرِبْهُ بِالسَّيْفِ ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَكَانَا كَذَلِكَ، وَأَخَذَ وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ يُجَادِلُهُ، فَقَالَ: اقْصُصْ عَلَيْنَا قَصَصَكَ، قَالَ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قُرْآنَكَ. قَالَ: فَجَعَلَ يُجَادِلُهُ وَيَسْتَبْطِيهِ حَتَّى قَالَ لَهُ مَا لَكَ خَمَشْتَ؟ قَالَ: وَضَعَتُ يَدَيَّ عَلَى قَائِمِ السَّيْفِ فَيَبَسَتْ فَمَا قَدَرْتُ أَنْ أُخَلِّيَ وَلَا أُمَرِّيَ وَلَا أُحَرِّكَهَا، قَالَ: فَخَرَجْنَا فَلَمَّا كَانَا بِالْحَرَّةِ سَمِعَ بِذَلِكَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، فَخَرَجَا إِلَيْهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَامَتُهُ، وَرُمْحُهُ بِيَدِهِ، وَهُوَ مُتَقَلِّدٌ سَيْفَهُ، فَقَالَا لِعَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ: يَا أَعْوَرُ، الْخَبِيثُ أَنْتَ الَّذِي يَشْتَرِطُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ... قَالَ: فَلَوْلَا أَنَّكَ فِي إِمَارَةِ رَسُولِ اللَّهِ فَمَا رُمْتَ الْمَنْزِلَ حَتَّى يُضْرَبَ عُنُقُكَ، وَلَكِنْ لَا تُسْتَبْقَيَّنَ، وَكَانَ أَشَدُّ الرَّجُلَيْنِ عَلَيْهِ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ. فَقَالَ لَهُ: لَوْ كَانَ أَبُوهُ حَيًّا لَمْ يَفْعَلْ بِي هَذَا. ثُمَّ قَالَ عَامِرٌ لِأَرْبَدَ: اخْرُجْ أَنْتَ يَا أَرْبَدُ إِلَى نَاحِيَةِ عَدِيَّةَ، وَأَخْرُجُ أَنَا إِلَى نَجْدٍ فَنَجْمَعَ الرِّجَالَ، فَنَلْتَقِيَ عَلَيْهِ، فَخَرَجَ أَرْبَدُ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالرَّقْمِ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَحَابَةً مِنَ الصَّيْفِ فِيهَا صَاعِقَةٌ فَأَحْرَقَتْهُ. فَخَرَجَ عَامِرٌ حَتَّى إِذَا كَانَ بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ: الْجَرِيدُ أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الطَّاعُونَ فَجَعَلَ يَصِيحُ، يَا عَامِرُ أَغُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبِكْرِ تَقْتُلُكَ. يَا عَامِرُ أَغُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبِكْرِ تَقْتُلُكَ وَمَرَّتْ أَيْضًا فِي بَيْتِ سَلُولِيَّةٍ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مِنْ قَيْسٍ. قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ: {سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمِنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} [الرعد: 11] : لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْفَظُونَهُ تِلْكَ الْمُعَقِّبَاتُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ هَذَا مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَقِّبَاتٌ يَحْفَظُونَهُ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، قَالَ: تِلْكَ الْمُعَقِّبَاتُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ "