7029 - أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ , فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ , ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ , حَدَّثَنِي عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّنْعَانِيُّ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ , عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ , عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ , عَنْ سَلْمَانِ الْخَيْرِ , قَالَ: فَقَالَ عِيسَى {اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} [المائدة: 114] فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ سُفْرَةً حَمْرَاءَ بَيْنَ غَمَامَتَيْنِ , غَمَامَةٍ فَوْقَهَا وَغَمَامَةٍ تَحْتَهَا , وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا فِي الْهَوَاءِ مُنْقَضَّةً مِنْ فَلَكِ السَّمَاءِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ , وَعِيسَى يَبْكِي خَوْفًا لِلشُّرُوطِ الَّتِي أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّهُ يُعَذِّبُ مَنْ يَكْفُرُ بِهَا مِنْهُمْ بَعْدَ نُزُولِهَا عَذَابًا لَمْ يُعَذِّبْهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ -[1247]- وَهُوَ يَدْعُو اللَّهَ فِي مَكَانِهِ وَيَقُولُ: إِلَهِي اجْعَلْهَا رَحْمَةً , إِلَهِي لَا تَجْعَلْهَا عَذَابًا , إِلَهِي كَمْ مِنْ عَجِيبَةٍ سَأَلْتُكَ فَأَعْطَيْتَنِي , إِلَهِي اجْعَلْنَا لَكَ شَاكِرِينَ , إِلَهِي أَعُوذُ بِكَ أَنْ تَكُونَ أَنْزَلْتَهَا غَضَبًا وَجَزَاءً , إِلَهِي اجْعَلْهَا سَلَامَةً وَعَافِيَةً وَلَا تَجْعَلْهَا فِتْنَةً وَمُثْلَةً , فَمَا زَالَ يَدْعُو حَتَّى اسْتَقَرَّتِ السُّفْرَةُ بَيْنَ يَدَيْ عِيسَى وَالْحَوَارِيِّينَ وَأَصْحَابُهُ حَوْلَهُ يَجِدُونَ رَائِحَةً طَيِّبَةً لَمْ يَجِدُوا فِيمَا مَضَى مِثْلَهَا قَطُّ , وَخَرَّ عِيسَى وَالْحَوَارِيُّونَ لِلَّهِ سُجَّدًا شُكْرًا بِمَا رَزَقَهُمْ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا , وَأَرَاهُمْ فِيهِ آيَةً عَظِيمَةً ذَاتَ عَجَبٍ وَعِبْرَةٍ وَأَقْبَلَتِ الْيَهُودُ يَنْظُرُونَ فَرَأَوْا أَمْرًا عَجِيبًا أَوْرَثَهُمْ كَمَدًا وَغَمًّا , ثُمَّ انْصَرَفُوا بِغَيْظٍ شَدِيدٍ , وَأَقْبَلَ عِيسَى وَالْحَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى جَلَسُوا حَوْلَ السُّفْرَةِ , فَإِذَا عَلَيْهَا مِنْدِيلٌ مُغَطًّى قَالَ عِيسَى: مَنْ أَجْرَؤُنَا عَلَى كَشْفِ الْمِنْدِيلِ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ حَتَّى نَرَاهَا , وَنَحْمَدَ بِاسْمِهِ وَنَذْكُرَ بِاسْمِهِ وَنَأْكُلَ مِنْ رِزْقِهِ الَّذِي رَزَقَنَا؟ فَقَالَ الْحَوَارِيُّونَ: يَا رُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَنْتَ أَوْلَانَا بِذَلِكَ , وَأَحَقُّنَا بِالْكَشْفِ عَنْهَا , فَقَامَ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَاسْتَأْنَفَ وَضُوءًا جَدِيدًا , ثُمَّ دَخَلَ مُصَلَّاهُ فَصَلَّى بِذَلِكَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ بَكَى طَوِيلًا، وَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْكَشْفِ عَنْهَا , وَيَجْعَلُ لَهُ وَلِقَوْمِهِ فِيهَا بَرَكَةً وَرِزْقًا ثُمَّ انْصَرَفَ فَجَلَسَ إِلَى السُّفْرَةِ , وَتَنَاوَلَ الْمِنْدِيلَ , وَقَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ خَيْرِ الرَّازِقِينَ , وَكَشَفَ السُّفْرَةَ , فَإِذَا هُوَ عَلَيْهَا سَمَكَةٌ ضَخْمَةٌ مَشْوِيَّةٌ , لَيْسَ عَلَيْهِ بَوَاسِيرُ وَلَيْسَ فِي جَوْفِهَا شَوْكٌ , يَسِيلُ السَّمْنُ مِنْهَا سَيْلًا , قَدْ نَضَدَ حَوْلَهَا بُقُولٌ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ غَيْرَ الْكُرَّاثِ , وَعِنْدَ رَأْسِهَا خَلٌّ , وَعِنْدَ ذَنَبِهَا مِلْحٌ , وَحَوْلَ الْبُقُولِ الْخَمْسَةِ أَرْغِفَةٌ , عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا زَيْتُونٌ , وَعَلَى الْآخَرِ ثَمَرَاتٌ، وَعَلَى الْآخَرِ خَمْسُ رُمَّانَاتٍ , فَقَالَ شَمْعُونُ رَأْسُ الْحَوَارِيِّينَ لِعِيسَى: يَا رُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ , أَمِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا هَذَا أَمْ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ: أَمَا آنَ لَكُمْ أَنْ تَعْتَبِرُوا بِمَا تَرَوْنَ مِنَ الْآيَاتِ , وَتَنْتَهُوا عَنْ تَنْقِيرِ الْمَسَائِلِ؟ مَا أَخْوَفَنِي عَلَيْكُمْ أَنْ تُعَاقَبُوا فِي سَبَبِ هَذِهِ الْآيَةِ , فَقَالَ شَمْعُونُ: لَا وَإِلَهِ إِسْرَائِيلَ , مَا أَرَدْتُ بِهَا سُؤَالًا يَا ابْنَ الصِّدِّيقَةِ , فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا تَرَوْنَ مِنْ طَعَامِ الْجَنَّةِ وَلَا مِنْ طَعَامِ الدُّنْيَا، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ ابَتْدَعَهُ اللَّهُ فِي الْهَوَاءِ بِالْقُدْرَةِ الْعَالِيَةِ الْقَاهِرَةِ , فَقَالَ لَهُ: كُنْ , فَكَانَ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ عَيْنٍ , فَكُلُوا مِمَّا سَأَلْتُمْ بِاسْمِ اللَّهِ , وَاحْمَدُوا عَلَيْهِ رَبَّكُمْ يُمِدَّكُمْ مِنْهُ وَيَزِدْكُمْ , فَإِنَّهُ بَدِيعٌ قَادِرٌ شَاكِرٌ