النار لا يستلزم دخولها1، وأن النجاة من الشر لا يستلزم حصوله، بل يستلزم انعقاد سببه، فمن طلبه عدوه ليهلكوه ولم يتمكنوا منه، يقال: نجاه الله منهم؛ ولهذا قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً} 2 {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً} 3 {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً} 4 ولم يكن العذاب أصابهم، ولكن أصاب غيرهم، ولولا ما خصهم الله به من أسباب النجاة، لأصابهم ما أصاب أولئك. وكذلك حال الواردين النار، يمرون فوقها على الصراط، ثم ينجي الله الذين اتقوا، ويذر الظالمين فيها جثيّاً، فقد بيّن صلى الله عليه وسلم في حديث جابر المذكور: أن الورود هو المرور على الصراط.
وروى الحافظ أبو نصر الوائلي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "علِّم الناس سنتي وإن كرهوا ذلك، وإن أحببت أن لا توقف على الصراط طرفة عين حتى تدخل الجنة، فلا تحدثن في دين الله حدثاً برأيك". أورده القرطبي5.
وروى أبو بكر بن أحمد بن سليمان النجاد، عن يعلى بن منية، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تقول النار للمؤمن - يوم القيامة -: جُزْ يا مؤمن، فقد أطفأ نورك لهبي" 6.