بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لنا من أمرنَا رشدا}
وصل وَسلم على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه
الْحَمد لله الَّذِي من تعلق بِأَسْبَاب طَاعَته فقد أسْند أمره إِلَى الْعَظِيم جَلَاله وَمن انْقَطع لأبواب خدمته متمسكا بنفحات كرمه قرب اتِّصَاله وَمن انتصب لرفع يَدَيْهِ جَازِمًا بِصِحَّة رجائه مَعَ انكسار نَفسه صلح حَاله وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد الْمَشْهُور جماله الْمَعْلُوم كَمَاله وعَلى آل مُحَمَّد وَصَحبه الطيبين الطاهرين فصحبه خير صحب وَآله
أما بعد فَإِن الِاشْتِغَال بِالْعلمِ خير عَاجل وثواب حَاصِل لَا سِيمَا علم الحَدِيث النَّبَوِيّ وَمَعْرِفَة صَحِيحَة من معلله وموصوله من مرسله وَلما كَانَ كتاب الْجَامِع الصَّحِيح الْمسند الْمُخْتَصر من أُمُور سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسننه وأيامه تأليف الإِمَام الأوحد عُمْدَة الْحفاظ تَاج الْفُقَهَاء أبي عبد الله مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم البُخَارِيّ رَحمَه الله وشكر سَعْيه قد اخْتصَّ بالمرتبة الْعليا وَوصف بِأَنَّهُ لَا يُوجد كتاب بعد كتاب الله مُصَنف أصح مِنْهُ فِي الدُّنْيَا وَذَلِكَ لما اشْتَمَل عَلَيْهِ من جمع الْأَصَح وَالصَّحِيح وَمَا قرن بأبوابه من الْفِقْه النافع الشَّاهِد لمؤلفه بالترجيح إِلَى مَا تميز بِهِ مُؤَلفه عَن غَيره بإتقان معرفَة التَّعْدِيل وَالتَّجْرِيح وَكنت مِمَّن من الله عز وَجل عَلَيْهِ بالاشتغال بِهَذَا الْعلم النافع فصرفت فِيهِ مُدَّة من الْعُمر الَّذِي لولاه لَقلت البضائع وتأملت مَا يحْتَاج إِلَيْهِ طَالب الْعلم من شرح هَذَا الْجَامِع فَوَجَدته ينْحَصر فِي ثَلَاثَة أَقسَام من غير رَابِع