وعلى هذا؛ فإنه لا فرق في النظر الصحيح بين استعمال الحُقن المغذِّية وبين استعمال حُقَن الدواء؛ لأن كلاُّ منهما يسري إلى جميع الجسم، ويختلط باللحم والدم، ومَن فرَّق بينهما فأباح حُقن الدواء ومنع من الحُقن المغذية؛ فلا شكَّ أنه قد فرق بين متماثلين في المعنى، وهو نفوذ كل من الدواء والغذاء إلى جميع أجزاء البدن.
وأيضاً؛ فإن بعض حُقَن الدواء يكون لها بديل من الأقراص التي تقوم مقامها وتفعل مفعولها في الجسم، وهذه الأقراص البديلة للحُقَن لا يجيز المتسرِّعون إلى الإفتاء أن يتناولها المريض في حال الصيام، وهذا من تناقضهم؛ لأن مَن منع الصائم من استعمال أقراص الدواء؛ فإنه يلزمه أن يمنعه من استعمال الحُقَن، إذ لا فرق بين إدخال الدواء إلى البدن من طريق الحُقَن أو من طريق الابتلاع.
وبعض المفتين بجواز استعمال الحُقن في حال الصوم إنما يعتمدون على قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: أنه يجوز للصائم أن يداوي المأمومة والجائفة، وليس لهم ما يتعلَّقون به من كلام شيخ الإسلام؛ لأن مداواة المأمومة والجائفة إنما يكون بمساحيق الدواء التي لا تتعدَّى موضع الجرح، بخلاف مفعول الحقن؛ فإنه يسري إلى جميع أجزاء البدن، ويختلط باللحم والدم، فالفرق بين الدواءين ظاهر لمن كان له عقل سليم ونظر صحيح.
فاتقوا الله أيها المفتون بجواز استعمال الحُقَن للصائم؛ فلقد كنتم سبباً في إفساد صيام كثير من الناس.
ولا تنسوا قول الله تعالى: {لِيَحْمِلوا أَوْزارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القِيامَة ومِنْ أَوْزارِ الَّذينَ يُضلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ}.