فصلٌ
ومن أعظم الزلات الإفتاء بجواز حلق اللحى وقصها، وعدم المبالاة بما يترتَّب على ذلك من معصية الله تعالى ومعصية رسوله صلى الله عليه وسلم، وعدم المبالاة أيضا بما يترتَّب على ذلك من التشبه بالمجوس وغيرهم من المشركين، وبما يترتَّب على ذلك التشبه بالنساء، وذلك أنك لا ترى شخاً كبيراً يحلق لحيته إلا وترى وجهه يشبه وجوه العجائز من النساء، ولا ترى شاباً يحلق لحيته إلا وترى وجهه يشبه وجوه العذارى، ولو قيل للشيخ الذي يحلق لحيته: يا وجه العجوز! أو قيل للشاب الذي يحلق لحيته: يا وجه البنت! لما رضيا بذلك، ولبادرا إلى الانتقام إن قدرا على ذلك، مع أنَّ كلا منهما قد رضي لنفسه بمشابهة النساء في إزالة الشعر عن الوجه والبعد عن الاتصاف بصفة الرجولة.
وإنه لينطبق على الذين يستحسنون حلق اللحى:
قول الله تعالى: {زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ}.
وقوله تعالى: {وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطانُ مَا كَانُوا يَعْمَلونَ}.
وقوله تعالى: {أَفَمَنْ رُيَّنَ لَهُ عَمَلِهِ فرآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مّنْ يَشاءُ ويَهْدي مَنْ يَشاءُ فَلا تذْهَبْ نَفَسك عَلَيْهِمْ حَسراتٍ إِنَّ اللهَ عَليمٌ بما يَصْنَعونَ}.
وقد جعل الله تعالى شعر اللحية جمالاً للرجال، وعلامة فارقة بينهم وبين النساء.
وقد قال مجاهد في تفسير قول الله تعالى: {وللرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}؛ قال: «بما يمتاز عليها كاللحية».