وروى الدارمي أيضا عن أبي نضرة:؛ قال: لما قدم أبو سلمة البصرة؛ أتيته أنا والحسن، فقال للحسن: «أنت الحسن؟ ما كان أحدٌ بالبصرة أحبّ إليَّ لقاء منك، وذلك أنه بلغني أنك تفتي برأيك؛ فلا تفت برأيك؛ إلا أن تكون سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو كتاب منزل».
وروى الدارمي أيضا عن معتمر عن أبيه؛ قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: «أما تخافون أن تعذَّبوا أو يخسف بكم أن تقولوا قال رسول الله وقال فلان؟!».
وروى الدارمي أيضا عن الأوزاعي؛ قال: «كتب عمر بن عبد العزيز: إنه لا رأي لأحد في كتاب، وإنما رأي الأئمة فيما لم ينزل فيه كتاب، ولم تمض به سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا رأي لأحد في سنة سنَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم».
وروى الدارمي أيضاً عن عبيد الله بن عمر: أن عمر بن عبد العزيز خطب فقال: «يا أيها الناس! إن الله لم يبعث بعد نبيَّكم نبيّاً، ولم ينزل بعد الكتاب الذي أنزله عليه كتاباً، فما أحلً الله على لسان نبيه؛ فهو حلالٌ إلى يوم القيامة، وما حرَّم على لسان نبيه؛ فهو حرامٌ إلى يوم القيامة، ألا وإنه ليس لأحد من خلق الله أن يُطاع في معصية الله».
وقد دلَّ حديث معاذ بن جبل الذي تقدَّم ذكره في أول الفصل وما ذكر بعده من الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم على أنه لا يسوغ الاجتهاد والعمل بالرأي مع وجود الدليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع.
وهذا ممَّا خالف فيه كثيرٌ من المتسرِّعين إلى الفتيا في زماننا، فتجدهم لا يبالون أن يفتوا بآرائهم ونظرياتهم مع وجود ما يخالفها من أدلة