فصلٌ
ومن هذا الباب السؤال عن الأغلوطات، وهي شداد المسائل وصعابها، وهذا مما يفعله بعض الناس في زماننا.
وقد ورد النهي عن ذلك؛ كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد من طريق الأوزاعي عن عبد الله بن سعد عن الصنابحي عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغلوطات».
قال الأوزاعي: ««الغلوطات»: شداد المسائل وصعابها».
وروى الإمام أحمد أيضا وأبو داود من طريق الأوزاعي عن عبد الله ابن سعد عن الصنابحي عن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه نهى عن الغلوطات».
ورواه ابن عبد البر، ولفظه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن الأغلوطات».
وفي رواية له عن معاوية رضي الله عنه: أنهم ذكروا المسائل عنده، فقال: «أما تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن عضل المسائل؟».
قال الخطابي في «معالم السنن»: «المعنى: أنه نهى أن يُعترض العلماء بصعاب المسائل التي يكثر فيها الغلط ليستزلوا ويستسقط رأيهم فيها، وفيه كراهة التعمُّق والتكلُّف فيما لا حاجة للإنسان إليه من المسألة، ووجوب التوقُّف عما لا علم للمسؤول به، وقد روينا عن أبي بن كعب: أن رجلاً سأله عن مسألة فيها غُموض، فقال: هل كان هذا بعدُ». قال: لا، فقال: «أمهلني إلى أن يكون»، وسأل رجل مالك بن أنس عن رجل شرب في الصلاة ناسياً، فقال: ولَم لم يأكل؟! ثم قال: حدثنا الزهري عن علي ابن حسين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»