وقال ابن عيينة وسحنون: «أجسر الناس على الفتيا أقلهم علما».
قال سحنون: «أشقى الناس من باع آخرته بدنيا غيره».
وقال سفيان: «أدركت الفقهاء وهم يكرهون أن يجيبوا في المسائل والفتيا حتى لا يجدوا بدّاً من أن يفتوا».
وقال: «أعلم الناس بالفتيا أسكتهم عنها، وأجهلهم بها أنطقهم فيها».
وبكى ربيعة، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: «استفتي مَن لا علم له، وظهر في الإسلام أمر عظيم».
وقال: «ولَبَعْضُ مَن يفتي ها هنا أحقُّ بالسجن من السرَّاق».
وذكر الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» عن عبد العزيز بن أبي سلمة - يعني: الماجشون -؛ قال: «قلت لربيعة في مرضه الذي مات فيه: إنا قد تعلَّمنا منك، وربما جاءنا من يستفتينا في الشيء لم نسمع فيه شيئا، فترى أن رأينا خير له من رأيه لنفسه فنفتيه؟ قال: فقال: أقعدوني. ثم قال: ويحك يا عبد العزيز! لأن تموت جاهلاً خير من أن تقول في شيء بغير علم، لا، لا «ثلاث مرات».
فليتأمل المتسرعون إلى الفتيا بغير علم ما ذكرته في هذا الفصل والفصل الذي قبله من أقوال الصحابة والتابعين ومَن بعدهم من أكابر العلماء في التشديد في الفتيا بغير علم، ولا يأمنوا أن يكون لهم نصيب وافر من الإثم على فتاويهم الخاطئة.
ولا يأنف العاقل أن يقول فيما لا يعلمه: لا أعلم هذا، أو يقول: لا