ومنعه من الشفاعة لها يوم القيامة وأنه صلى الله عليه وسلم بكى رحمة لها من النار، لو عرضت على الجلف الذي تقدَّمت الإشارة إليه؛ لما كان بعيداً منه أن يأمر مَن يعرضها عليه أن يضعها تحت رجله؛ كما أمر بذلك في حديث أنس الذي تقدَّم ذكره في أول الفصل.
وقد قال الله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدي القَوْمَ الظَّالمِينَ}.
وكلُّ ما تقدَّم ذكره في الأحاديث التي جاءت في حقِّ أبوي النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه حقٌّ يجب الإيمان به، ولا يجوز الاعتراض على شيء منه؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء يعارضه ويردُّه.
ولله الحكمة البالغة في مصير أبوي النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وللنبي صلى الله عليه وسلم أسوة بأبيه إبراهيم خليل الرحمن حيث تبرَّأ من أبيه وامتنع من الاستغفار له لمَّا تبيَّن له أنه عدو لله.
وقد ثبت في «صحيح البخاري» أن إبراهيم إذا شفع لأبيه يوم القيامة؛ لم تقبل شفاعته له، ويمسخ الله أباه ضبعاً، ويأمر به، فيؤخذ بقوائمه، ويلقى في النار.
وهذا مما يجب الإيمان به، ومَن لم يؤمن بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو ممَّن يُشَكُّ في إسلامه.