وتقول: لا أرى به بأساً؟! والله؛ لا يظلني وإياك سقف أبداً».

وفي هذا الحديث جواز هجر مَن خالف السنة وعارضها برأيه.

وقد بوَّب ابن ماجه على هذا الحديث وأحاديث كثيرة سواه بقوله: «باب: تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والتغليظ على مَن عارضه».

وروى: مالك في «الموطأ»، والشافعي في «مسنده»؛ من طريق مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار: «أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها، فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا إلا مثلاً بمثل. فقال له معاوية: ما أرى بمثل هذا بأسا، فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: مَن يعذرني من معاوية؟ أنا أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبرني عن رأيه! لا أساكنك بأرض أنت بها، ثم قدم أبو الدرداء على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فذكر ذلك له، فكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى معاوية: أن لا تبيع ذلك إلا مثلاً بمثل، وزناً بوزن».

قال ابن عبد البر في الكلام على قول أبي الدرداء رضي الله عنه: «من يعذرني من معاوية ...» إلى آخره: «كان ذلك منه أنفة من أن يردَّ عليه سنة علمها من رسول الله صلى الله عليه وسلم برأيه، وصدور العلماء تضيق عن مثل هذا، وهو عندهم عظيم؛ رد السنن بالرأي».

قال: «وجائز للمرء أن يهجر مَن لم يسمع منه ولم يطعه، وليس هذا من الهجرة المكروهة، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن لا يكلِّموا كعب بن مالك حين تخلَّف عن تبوك؟».

قال: «وهذا أصل عند العلماء في مجانبة مَن ابتدع وهجرته وقطع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015