التألق والسعادة والنعيم فنقلوهن إلى جحيم الشقاوة وقضوا عليهن القضاء الأخير. وهؤلاء الشياطين يردون المدن في صورة شبان قد بلغوا الغاية في الجمال والتأنق وأجادوا كل شيء يغري الفتاة ويسيل لعابها من حسن الهندام والظرف ولطف الحديث وإتقان جميع أنواع الرقص والتبذير في النفقة، وحسن الذوق في انتقاء جميع الأشياء وانتقادها. وهؤلاء لهم أسماء متعددة وكلها من أسماء البيوتات الأرسطقراطية. وقد تكون لهم هويات جوازات متعددة تثبت ذلك ولا يصيدون إلا بنات كبار الأغنياء فيظهر اللص أولا للفتاة أنه ابن أمير أو غني كبير, ويذهب أمامها إلى البنك ويخرج مبالغ كبيرة من المال أو يبعث برقية إلى أحد شركائه فيأتيه المال في الحال، وترى تلك الفتاة صورة الفتيات اللاتي أوقعهن سوء طالعهن في حبالته ومكاتباتهن معه، فترى جمالهن وعلو أدبهن وكونهن من بنات البيوتات فتزداد استهواء وفتنة حتى إذا نضجت ثمرة خداعه وعميت الفتاة وطاش لبها، تظاهر بتأخر حوالة عظيمة كان قد طلبها من أبيه واخترع لذلك عذرا، فتقوم الفتاة الغرة وتأتيه بالمبلغ الذي يريده من المال فيأخذه، ولا يعسر عليه أن يخترع سببا لسفر عاجل وأنه سيرجع إليها, فيكون آخر العهد به، وقد يتركها في بعض الأحيان حاملا، ولكن هذا نادر جدا لأنهم يحتاطون للحمل باستعمال الوسائل المانعة منه، ولا يكادون يتساهلون فيها إلا بعد عقد النكاح بصورة رسمية.
وهل يعلم هؤلاء الدعاة أن المرأة في أرقى دول أوروبا تشعر بالحاجة إلى حماية الرجل وقواميته عليها، ورئاسته ولا يغنيها عن هذه الحاجة مال ولا علم ولا شرف ولا حسب ولا منصب أبدا. ومما يحكى في هذا المعنى أن الملكة البريطانية العظيمة فكتوريا جاءت يوما إلى غرفة زوجها، فدقت الباب، فقال من بالباب؟ فقالت أنا الملكة، فقال: لا حاجة لي بالملكة، فانتبهت في الحين إلى خطئها وتلافته، فقالت افتح! أنا عزيزتك فكتوريا، فقال الآن أفتح.
وخضوع الأنثى للفحل أمر جعله الله في طبع كل أنثى من الحيوان الأبكم والناطق، ولا سبيل إلى إزالته عنها، لأنها لا تقدر أن تكون أنثى بدونه، كما جعل الله في طبعها الدلال والغنج أيضا، فهذان الخلقان معجونان في فطرتها.
هذا ولا تستغني المرأة عن حماية الرجل ولو في أرقى الأمم فقد أخبرتني (فراوزلي) في مدينة (بن) أنها حين كان زوجها في قيد الحياة، كان